قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد: ٣١]. أي: لكانَ هذا القرآن.
وقوله: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾. قال الزمخشري: (والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه، وقلةِ تخشعه، عند تدبر القرآن، وتدبّر قوارعه وزواجره). وقال القاسمي: (﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا﴾ أي وتلك الأمور، وإن كانت وهمية، مفروضة، فلا بد من اعتبارها وضربها للناسِ الذين نسوا صغر مقدارهم فتكبروا، ولينَهم فقست قلوبهم ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ أي ليعلموا أنهم أولى بذلكَ الخشوع والتصدّع).
وفي التنزيل: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٧٤].
أخرج البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنهما: [أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقومُ يومَ الجمعةِ إلى شجرة، أو نَخْلَةٍ، فقالت امرأة من الأنصار، أو رَجُلٌ، يا رسول اللَّه، ألا نَجْعَلُ لكَ مِنْبَرًا؟ قال: "إِنْ شئتم"، فجعلوا لهُ مِنْبرًا، فلما كانَ يومُ الجُمعةِ دَفَعَ إلى المنْبر، فصَاحَتْ النخلةُ صِياحَ الصبي، ثم نزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فَضَمَّهُ إليهِ، يَئِنُّ أنِينَ الصَّبي الذي يُسَكَّنُ، قال: "كانت تبكي على ما كانت تَسْمَعُ من الذِّكر عندها"] (١).
وقوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: الذي يتصَدَّعُ من خشيتهِ الجبل أيها الناس، هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة والألوهية إلا له، عالم غيب السماوات والأرض، وشاهد ما فيهما مما يرى ويحسّ ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ يقول: هو رحمان الدنيا والآخرة، رحيم بأهلِ الإيمان به).
وقوله: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ﴾.
﴿الْمَلِكُ﴾: أي المالك لكل شيء المتصرف فيه. و ﴿الْقُدُّوسُ﴾: الطاهر من العيوب المُتنزِّهُ عنها. وعن قتادة: (﴿الْقُدُّوسُ﴾ أي: المبارك).
وفي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يقبض اللَّه