قال ابن جرير: (وذلك أن اللَّه قد أعذر إليهم في الدنيا وتابع عليهم الحجج فيها، فلا حجة لهم في الآخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾).
وقوله: ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾.
أي: وكذلك فإن للظالمين اللعنة وهي الطرد من رحمة اللَّه، ولهم مع اللعنة كذلك شر ما في الدار الآخرة وهو العذاب الأليم المهين.
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ﴾.
أي: ولقد آتينا موسى حجة الوحي البالغة وبيان أمر الدين الحق، وأورثنا بني إسرائيل "الكتاب" أي: التوراة، الذي فيه نور وهدى ومنهاج لسعادتهم في الدارين.
وقوله تعالى: ﴿هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾. أي: إرشادًا وتذكرة لذوي العقول. ونُصِبَ قوله: ﴿هُدًى وَذِكْرَى﴾ على المفعول له أو على الحال.
وقوله: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾.
أي: فاصبر -يا محمد- على ما تلقاه من أذى قومك، فإن وعدك بالنصر حق.
قال النسفي: (﴿فَاصْبِرْ﴾ على ما يجرعك قومك من الغصص ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ﴾ يعني إن ما سبق به وعدي من نصرتك وإعلاء كلمتك حق).
وقوله: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾. حضّ للأمة على الاستغفار.
قال القرطبي: (قيل: لذنب أمتك، حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقيل: لذنب نفسك على من يجوّز الصغائر على الأنبياء. ومن قال لا تجوز قال: هذا تعبد للنبي عليه السلام بدعاء، كما قال تعالى: ﴿وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا﴾ [آل عمران: ١٩٤] والفائدة زيادة الدرجات وأن يصير الدعاء سنة لمن بعده. وقيل: فاستغفر اللَّه من ذنب صدر منك قبل النبوة).
وقوله: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾: أوائل النهار وأواخر الليل. والعشي: أوائل الليل. أي: ونزه ربك بالشكر له والثناء عليه بأواخر النهار وأوائل الليل.
وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾. أي: لا يبلغون ذلك الارتفاع الذي أملوه بالتكذيب.