عليه في القرآن كيف كان لهم العاقبة والنصرة بعد هلاك كفار قومهم.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾.
قال النسفي: (وهذا جواب اقتراحهم الآيات عنادًا، يعني: إنا قد أرسلنا كثيرًا من الرسل وما كان لواحد منهم أن يأتي بآية إلا بإذن اللَّه، فمن أين لي بأن آتي بآية مما تقترحونه إلا أن يشاء اللَّه ويأذن في الإتيان بها).
وقوله: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾.
أي: فإذا جاء عذاب اللَّه ونزل انتقامه بالمكذبين قضي بالعدل: وهو نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين المبطلين: الذين يتبعونَ الباطل والشرك ويعظمون الطواغيت. قال القرطبي: (أي إذا جاء الوقت المسمى لعذابهم أهلكهم اللَّه، وإنما التأخير لإسلام من علم اللَّه إسلامه منهم، ولمن في أصلابهم من المؤمنين. وقيل: أشار بهذا إلى القتل ببدر).
٧٩ - ٨١. قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (٨١)﴾.
في هذه الآيات: اللَّه الذي لا تصلح العبادة إلا له -معشر المشركين من قريش- هو الذي جعل لكم الأنعام: من الإبل والبقر والخيل والغنم. فبعضها يركب ويؤكل ويحلب كالإبل، ويحمل عليها الأثقال في الأسفار. وبعضها يؤكل ويشرب لبنها ويحرث عليها الأرض كالبقر. وكذلك الغنم تؤكل ويشرب لبنها، ومن جميعها تستفيدون من الأصواف والأشعار والأوبار، لاتخاذ الثياب والأثاث والمتاع. وإنما يريكم سبحانه بعض آياته وحججه وبراهينه الدالة على وجوب إفراده بالعبادة والتعظيم، ولا تستطيعون إنكار شيء منها إلا بالعناد والكبر وركوب الأهواء واتباع سُبل الشياطين.
قال ابن جرير: (﴿لِتَرْكَبُوا مِنْهَا﴾ يعني الخيل والحمير. ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ يعني الإبل والبقر والغنم).
وعن قتادة: (﴿وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ﴾ يعني الإبل تحمل أثقالكم إلى بلد). وقال مجاهد: (لحاجتِكم ما كانت).