أخبرت عائشة، قال: فأنزل اللَّه تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾] (١).
قال الشوكاني: في تفسيره "ج ٥/ ص ٢٥٢": (فهذان سببان صحيحان لنزول الآية، والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصةَ العسل وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعًا وفي كل واحد منهما أنه أسَرَّ الحديث إلى بعض أزواجه).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. أي غفور يا محمد ذنوب التائبين، وقد غفر لك تحريمك على نفسك ما أحل لك.
وقوله: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾. قال الشعبي: (عوتب في التحريم، وجاءت الكفارة في اليمين). أي: قد بين اللَّه لكم تحلة أيمانكم، وحدّها لكم أيها الناس، فتحليل اليمين كفارتها. والتحلّة: مصدر بمعنى التحليل. فشرع تحليل الأيمان بحل ما عقدته بالكفارة.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ﴾. قال القرطبي: (وليّكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرمونه على أنفسكم، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة).
وقوله: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾. أي: فلما أخبرت بالحديث الذي أسرّ إليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صاحبتها وأظهر اللَّه نبيّه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- على أنها قد أنبأت بذلك صاحبتها ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ﴾ أي عرّف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حفصة بعض ذلك الحديث وأخبرها به وترك أن يخبرها ببعض.
وقوله: ﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾. أي: قالت حفصة حين أنبأها ذلك: من أنبأك هذا الخبر وأخبرك به؟ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: خبرني به ﴿الْعَلِيمُ﴾ بسرائر عباده ﴿الْخَبِيرُ﴾ بأمورهم وأحوالهم، لا يخفى عليه شيء.
وعن ابن زيد قال: (﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا﴾ ولم تشك أن صاحبتها أخبرت عنها ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾).
وقوله: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾. قال ابن عباس: (يقول: زاغت قلوبكما، يقول: قد أثمت قلوبكما). وقال قتادة: (أي مالت قلوبكما). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن تتوبا إلى اللَّه أيتها المرأتان فقد مالت قلوبكما إلى محبة