وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾. أي: سهلة تستقرون عليها، قد سَهّلَها لكم. والذلول في كلام العرب المنقاد الذي يَذِلّ لك. والمصدر الذُّلُ وهو اللين والانقياد.
وقوله: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾. أىِ في أطرافها ونواحيها وأرجائها. قال ابن عباس: (يقول: امشوا في أطرافها). وقال مجاهد: (في طرقها وفجاجها).
قال ابن كثير: (أي: فَسَافِروا حيث شِئْتُم من أقطارها، وتردّدوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، واعلموا أن سَعْيَكُم لا يُجْدي عليكم شيئًا، إلا أن يُيَسِّره اللَّه لكم، ولهذا قال: ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ - فالسعي في السبب لا ينافي التوكل).
وفي سنن ابن ماجة والترمذي بسند حسن عن عمر بن الخطاب يقول: إنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [لو أنكم تَتَوَكّلون على اللَّه حق توكله لرزقكم كما يرزقُ الطير، تَغْدو خِماصًا وتروح بِطانًا] (١).
وقوله: ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾. أي: وإليه المرجع سبحانه يوم القيامة، هو ينشركم من قبوركم للقيام بين يديه في أرض المحشر.
١٦ - ١٩. قوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)﴾.
في هذه الآيات: تنبيهُ اللَّه تعالى عباده أن لا يأمنوا عقابه إن اختاروا طريق المعصية والآثام، فلقد أهلك سبحانه من قبلهم من أهل الكفر والمكر والإجرام، فهلا نظروا إلى بديع قدرته في حركة الطير فوقهم ما يمسكهن إلا الرحمان.
فقوله: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾. أي: أأمنتم اللَّه الذي استوى على العرش فوق سبع سماوات أن ينزل نقمته بأهل المعاصي والآثام. قال ابن عباس: (أأمنتم عذاب من في