إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية. أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف).
وقال ابن كثير: (أي: جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخرّ مَيِّتًا على أمِّ رأسِه، فينشَدِخُ رأسُه وتبقى جُثَّته كأنها قائمةُ النخلةِ إذا خَرَّت بلا أغصان).
أخرج البخاري عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [نُصِرْتُ بالصَّبا، وأُهْلِكَت عادٌ بالدَّبورِ] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾. أي فهل ترى يا محمد لعاد قوم هود من بقاء أو بقية. لقد بادوا عن آخرهم، ولم يبق اللَّه لهم خلَفًا.
وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾. أي بالفِعلة الخاطئة. قال الربيع: (أي: بالمعصية). وقال مجاهد: (بالخطايا). والمؤتفكات: قرى قوم لوط ائتفكت -أي انقلبت- بهم.
والمقصود: جاء فرعون ومن قبله من الأمم المكذبة كقوم نوح وعاد وثمود ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ وهي قرى قوم لوط ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ أي بالفَعْلة الخاطئة، وهي التكذيب بما أنزل اللَّه والإصرار على الكفر والظلم.
وقوله: ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾. قال ابن كثير: (وهذا جِنسٌ، أي: كُلٌّ كَذَّبَ رسولَ اللَّه إليهم. كما قال تعالى: ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ [ق: ١٤]. ومن كذّب برسولٍ فقد كَذَّبَ بالجميع، كما قال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾، ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾، ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٥، ١٢٣، ١٤١]. وإنما جاء إلى كل أمة رسولٌ واحد).
وقوله: ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾. قال ابن عباس: (يعني أخذة شديدة). وقال السدي: (مهلكة).
قال القرطبي: (﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ أي عالية زائدة على الأخذات وعلى عذاب الأمم. ومنه الرّبا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطى. يقال: ربا الشيء يربو أي زاد وتضاعف. وقال مجاهد: شديدة. كأنه أراد زائدة في الشدة).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾. طغا الماء: أي: ارتفع وعلا. قال