ولا شوك). وعن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول في هذه الآية: (﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ قال: يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم).
والقطوف: جمع قِطْف، وهو ما يُقطَفُ من الثمار. والقَطْف بالفتح المصدر، والقِطاف وقت القطف.
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾.
أي: ويقال لهم تكريمًا: كلوا واشربوا أكلًا وشربًا ﴿هَنِيئًا﴾ لا مكروه فيه ولا تكدير ولا تنغيص ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ﴾: أي بما قدمتم في أيام دنياكم من الأعمال الصالحة.
وفي التنزيل نحو هذه الآيات، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: ٧ - ٩].
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه يدني المؤمن فيضَع عليه كنَفَهُ (١) ويستره فيقول: أتعرِفُ ذنبَ كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي ربّ، حتى قرَّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: ١٨]] (٢).
٢٥ - ٣٧. قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)﴾.
في هذه الآيات: وَصْفُ مشهد الندم والخزي لمن أوتي كتابه بشماله يوم الدين، فهو اليوم في السلاسل والحميم وطعام الغسلين في نار الجحيم.

(١) أي: حفظه وستره.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨)، وأحمد (٢/ ٧٤).


الصفحة التالية
Icon