كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم، معاجلة بالسخط والانتقام. فصوّر قتل الصبر بصورته ليكون أهول. وهو أن يؤخذ بيده، وتضرب رقبته. وخصّ اليمين عن اليسار، لأن القاتل إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده، وأن يكفحه بالسيف، وهو أشد على المصبور، لنظره إلى السيف، أخذ بيمينه).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾. قال ابن عباس: (وهو نياطُ القلبِ، وهو العِرْق الذي القلب مُعَلَّقٌ فيه). وقال مجاهد: (الوتين: حبل القلب الذي في الظهر). وقال الضحاك: (وتين القلب: وهو عرق يكون في القلب، فإذا قطع مات الإنسان).
وقوله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾. أي: فما منكم أيها الناس من أحد يحجزنا عن محمد ومعاقبته لو تقول علينا بعض الأقاويل.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾. قال قتادة: (القرآن). أي: وإنّ هذا القرآن عظة يتعظ به أهل الإيمان والتقوى، لئلا يندرجوا مع أهل الكفر والشقوة.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ﴾. قال الربيع: (بالقرآن). أي: وإنا لنعلم أنه مع هذا البيان والإعجاز لهذا القرآن فإن منكم من يكذب به، إيثارًا للدنيا والهوى.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾. أي: وإنه لتحسر وندم سيلحق بالكافرين بهذا القرآن يوم القيامة.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾. قال ابن جرير: (يقول: وإنه للحق اليقين الذي لا شك فيه أنه من عند اللَّه، لم يتقوّله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾. قال ابن عباس: (أي فصَلّ لربك). وقيل: أي نزه اللَّه عن السوء والنقائص.
تم تفسير سورة الحاقة بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه عصر السبت ١٧ شوال ١٤٢٦ هـ الموافق ١٩/ تشرين الثاني/ ٢٠٠٥ م
* * *