عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل] الحديث (١).
وقوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾. أي: فاصبر يا محمد على أذى قومك صبرًا لا جزع فيه، ولا يثنيك ما تلقى منهم من الأذى عن تبليغ رسالة ربك، فإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرًا.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾. قال النسفي: (﴿إِنَّهُمْ﴾ إن الكفار ﴿يَرَوْنَهُ﴾ أي العذاب أو يوم القيامة ﴿بَعِيدًا﴾ مستحيلًا ﴿وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ كائنًا لا محالة، فالمراد بالبعيد البعيد من الإمكان، وبالقريب القريب منه).
٨ - ١٨. قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)﴾.
في هذه الآيات: نَعْتُ الأهوال التي تسبق القيامة، ومشهد الذل في أرض المحشر على المجرمين والندامة، ونار جهنم قد أعدت لاستقبال الطغاة لتنقلهم من الفرحة إلى السآمة.
فقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾. يعني: كالشيء المذاب. قال مجاهد: (كَعَكَرِ الزيت). وقال قتادة: (تتحول يومئذ لونًا آخر إلى الحمرة).
وقوله تعالى: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾. يعني: كالصوف المنفوش. وهو كقوله تعالى: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ [القارعة: ٥]. وعن مجاهد: (﴿كَالْعِهْنِ﴾ قال: كالصوف).
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾. أي: ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه أو حاله لانشغاله بشأن نفسه. قال قتادة: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ يشغل كل إنسان بنفسه عن الناس).