ولا شك أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة.
ففي التنزيل:
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٢].
وفي صحيح السنة المطهرة في آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الترمذي بسند صحيح عن الحارث الأشعري -من وصايا يحيى بن زكريا عليه السلام كما ذكر لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [وإن اللَّه أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن اللَّه ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن التفات الرجل في الصلاة؟ فقال: [هو اختلاس يختَلِسُهُ الشيطان من صلاة العبد] (٢).
والاختلاس: هو الاختطاف بسرعة على غفلة. قال العلامة الطيبي طيب اللَّه ثراه: (سمي اختلاسًا تصويرًا لقبيح تلك الفعلة بالمختلس، لأن المصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى والشيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة). واللَّه أعلم.
الحديث الثالث: أخرج النسائي والترمذي -واللفظ للنسائي- من حديث رفاعةَ بن رافع -حديث المسيء صلاته- قال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنه لا تَتِمُّ صلاةُ أحدِكم حتى يُسْبِغَ الوضوءَ كما أمَرَه اللَّه تعالى، ويغسلَ وجهَهُ ويديه إلى المرفقين، ويمسحَ برأسِه ورجلَيه إلى الكعبين، ثم يكبّر اللَّهَ، ويحمدُه، ويُمَجِّدُه، ويقرأ من القرآن ما أذِنَ اللَّهُ له فيه وتَيَسَّرَ، ثم يكبر ويركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصِلُهُ وتسترخي، ثم يقول: سمع اللَّه لمن حمده، ويستوي قائمًا حتى يأخذ كلُّ عظمٍ مأخذه، ويقيمَ صُلبَه، ثم يكبر، فيسجدُ، ويُمَكِّنُ جبهتَه من الأرض، حتى تطمئِنَّ مفاصِلُهُ وتسترخي، ثم يكبِّر فيرفع رأسه، ويستوي قاعدًا على مقعدته ويقيم صلبه (فوصف الصلاة هكذا حتى فرغ ثم قال: ) لا تتم صلاةُ أحدكم حتى يفعلَ ذلك] (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾. قال قتادة: (الحق

(١) حديث صحيح. وهو جزء من حديث طويل. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٢٩٨)، أبواب الإمثال.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٩١٠)، في الصلاة. باب الالتفات في الصلاة. ورواه البخاري.
(٣) رواه النسائي وهذا لفظه، والترمذي وقال: "حديث حسن". انظر صحيح الترغيب (١/ ٥٣٧).


الصفحة التالية
Icon