عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [ارْحَموا تُرْحموا، واغْفِروا يُغْفَر لكم، وويل لأقماع القول، وويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون] (١).
قال الزمخشري: (من المجاز: "ويل لأقماع القول" وهم الذين يستمعون ولا يعون).
والمقصود: تشبيه الذين يستمعون القول فلا يعونه ولا يعملون به بالأقماع -جمع قِمْع، وهو الإناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع- لا تعي شيئًا مما يفرغ فيها، فكأنه يمر عليها مجتازًا كما يمر الشراب في القمع.
وقوله: ﴿وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾. ﴿اسْتِكْبَارًا﴾ تفخيم. قال ابن جرير: (يقول: وتكبروا فتعاظموا عن الإذعان للحقّ، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا﴾. أي جهرة بين الناس. قال مجاهد: (الجهار الكلام المعلن به).
وقوله: ﴿ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ﴾. أي صرخت لهم ورفعت صوتي بإنذارهم.
قال مجاهد: (﴿أَعْلَنْتُ لَهُمْ﴾ يقول: صحت بهم).
وقوله: ﴿وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا﴾. قال مجاهد: (فيما بيني وبينهم).
أي: أخفيت دعوتي بيني وبين بعضهم، وأتيتهم في منازلهم، فنَوّعت في أساليب تلطَّفي لهم، لقبول دعوتي حرصًا على نجاتهم.
وقوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾. أي: فقلت لهم: سلوا اللَّه المغفرة من ذنوبكم السالفة وما اجترحتم من الآثام، بإخلاصكم إليه التقرب والتوسل بصحيح الإيمان، إنه سبحانه هو السِّتير الغفار صاحب الغفران.
قال الفضيل: (يقول العبد: أستغفر اللَّه. وتفسيرها أَقِلْني).
وقوله تعالى: ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾. قال البخاري: قال ابن عباس: (﴿مِدْرَارًا﴾: يتبع بعضها بعضًا). أي: إنكم إن أخلصتم التعظيم والعبادة للَّه العظيم،