وقوله: ﴿أَمَدًا﴾ -أي غاية وأجلًا. قال النسفي: (﴿أَمَدًا﴾ غاية بعيدة، يعني أنكم تعذبون قطعًا، ولكن لا أدري أهو حالّ أم مؤجل).
وقوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾. أي هو عالم الغيب، والغيب ما غاب عن العباد.
وقوله: ﴿فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾. قال ابن عباس: (فأعلم اللَّه سبحانه الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه بما أوحى إليهم من غيبه، وما يحكم اللَّه، فإنه لا يعلم ذلك غيره).
وعن قتادة: (﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ فإنه يصطفيهم، ويطلعهم على ما يشاء من الغيب). وقال ابن زيد: (ينزل من غيبه ما شاء على الأنبياء، أنزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الغيب القرآن، قال: وحدثنا فيه بالغَيب بما يكون يوم القيامة).
وقوله: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾. قال قتادة: (الملائكة).
وقال ابن عباس: (هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الشيطان حتى يتبين الذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول: ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم).
وقال إبراهيم النخعي: (الملائكة رصد من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من الجن).
وغاية المعنى أن يقال: إنّ اللَّه تعالى يختمن رسوله بمزيد من مُعَقِّباتٍ من الملائكة يحفظونه من أمر اللَّه، ويعصمونه من الشياطين ووساوسهم وتخاليطهم حتى يبلغ الوحي.
وقوله: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ﴾. فيه تفاسير، حسب عودة الضمير:
١ - قيل: ﴿لِيَعْلَمَ﴾ عائد على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال سعيد بن جبير: (ليعلم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-). وقال قتادة: (ليعلم نبيُّ اللَّه أن الرسلَ قد بَلَّغَت عن اللَّه، وأن الملائكةَ حفظتها ودفعت عنها). - واختاره ابن جرير.
٢ - قيل: ﴿لِيَعْلَمَ﴾ - عائد على من كذّب الرسل. قال العوفي عن ابن عباس: (﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾، قال: هي مُعَقِّبات من الملائكة يحفظون النبي من الشيطان، حتى يتَبَيَّن الذي أُرسِلَ إليهم، وذلك حين يقولُ: ليعْلَمَ أهلُ الشرك أن قد أُبلغوا رسالاتِ ربهم).
وقال مجاهد: (ليعلمَ من كذَّب الرسل أن قد أبلغوا رسالاتِ ربهم).
٣ - قيل: ﴿لِيَعْلَمَ﴾ - عائدٌ على اللَّه عز وجل. قال النسفي: (أي ليعلم اللَّه ذلك