من امتنع منكم من الإجابة، يوم تلقوني في القيامة).
وقوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾. أي: هو كإرسالنا موسى رسولًا إلى فرعون وقومه من قبل، لإقامة حجة الوحي والنبوة.
وقوله تعالى: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا﴾. قال ابن عباس: (شديدًا).
قال ابن زيد: (الوبيل: الشّر، والعرب تقول لمن تتابع عليه الشر: لقد أوبل عليه).
وقال الزجاج: (﴿أَخْذًا وَبِيلًا﴾ أي ثقيلًا غليظًا. ومنه قيل للمطر وابل (١)).
وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾. توبيخ وتقريع.
أي: كيف تقون أنفسكم إن بقيتم على كفركم عذاب يوم يصير فيه الأطفال الصغار ﴿شِيبًا﴾ أي بيض الشعور لشدة هَوْله. وهذا كناية عن شدة الخوف.
أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يقول اللَّه تعالى يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك والخير كله في يديك. فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين. فعندها يشيب الصغير ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢]] (٢).
وفي رواية: [فحينئذ تضع الحامِلُ حَمْلَها ويشيبُ الوليدُ].
وقوله: ﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾. أي: متشققة بذلك اليوم لشدّته وعظيم هوله، وانفطارها لنزول الملائكة. وقال ابن عباس: (تشقق السماء حين ينزل الرحمن جل وعزّ). وقال مجاهد: (﴿مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾: مثقلة به). قال النسفي: (﴿السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ﴾ وصف لليوم بالشدة أيضًا. أي السماء على عظمها وإحكامها تنفطر به أي تنشق، فما ظنّك بغيرها من الخلائق).
وقوله: ﴿كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا﴾. أي: كان وعد اللَّه بالقيامة والحساب والجزاء كائنًا لا شك فيه ولا خُلْف. وقال مقاتل: (كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كلّه).
١٩ - ٢٠. قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩)

(١) مطر وابل: أي مطر شديد.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٤١)، كتاب التفسير. ورواه مسلم (١/ ١٣٩ - ١٤٠).


الصفحة التالية
Icon