وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: ٢٤٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: ١٨].
قال النسفي: (القرض لغة: القطع، فالمقرض يقطع ذلك القدر من ماله فيدفعه إلى غيره، وكذا المتصدق يقطع ذلك القدر من ماله فيجعله للَّه تعالى، وإنما أضافه إلى نفسه لئلا يَمُنَّ على الفقير فيما تصدق به عليه، وهذا لأن الفقير معاون له في تلك القربة فلا يكون له عليه منّة، بل المنّة للفقير عليه ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ من الحلال بالإخلاص).
قلت: وقد جاء النص بتحريم القرض الذي يجرّ نفعًا، فهو مخالف للقرض الحسن الذي رضيه اللَّه لعباده ورغّبه بهم.
فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث عتّاب بن أسيد إلى مكة فقال: [أتدري إلى أين أبعثك؟ إلى أهل اللَّه، وهم أهل مكة، فانَهَهُم عن أربع: عن بيع وسَلَفٍ، وعن شرطين في بيع، وربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عندك] (١).
فقوله: "بيع وسلف" فسّره ابن الأثير بقوله: (هو مثلُ أن يقول: بعتُكَ العبد بألف على أن تسلفني في متاع، أو على أن تقرضني ألفًا، لأنه إنما يقرضه ليحابيه في الثمن، فيدخل في حدّ الجهالة، ولأن كل قرض جرَّ منفعة فهو ربًا).
وقوله: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾.
﴿خَيْرًا﴾ مفعول به ثان لتجدوه. و ﴿أَجْرًا﴾ تمييز. والمعنى: كل ما تقدّموه من الصدقات والنفقات في سبيل اللَّه هو خيرٌ مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا.
ففي صحيح البخاري عن عبد اللَّه: [قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَيُّكُم مالُ وارِثهِ أَحَبُّ إليه من