﴿وَاسْتَكْبَرَ﴾ أي تعظم عن أن يؤمن. وقيل: أدبر عن الإيمان واستكبر حين دُعي إليه.
والمقصود: ركبه الشيطان وعلا رأسه وفِكْرَه فأدبر واستكبر.
وقوله تعالى: ﴿فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾. قال أبو رزين: (يأخذه عن غيره). أو يأثره عن غيره.
والمقصود: نطق بكلمة الكذب في شأن الحق فجحده واتهمه ورماه بالسحر بعد التَّثَبُّتِ من أنه أعلى وأجل. فما أسهل اتهام الحق بالسحر للهروب من تكاليفه وتبعاته.
ثم قال سبحانه متوعدًا إياه إثر هذه المحاولة الماكرة لطمس الحق: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ قيل: وهو باب من أبواب جهنم.
والمقصود: سأغمره في جهنم كي يصْلى حرّها. قال القرطبي: (وإنما سُمِّيت سقر من سَقَرَتْه الشمس: إذا أذابته ولوحته، وأحرقت جلدة وجهه).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ﴾. تهويل لأمرها، ومبالغة في وصفها. أي: وأيّ شيء سقر يا محمد؟ فهي كلمة تعظيم.
وقوله تعالى: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾. أي: لا تبقى من فيها حيًّا، ولا تذر من فيها ميتًا، بل تحرقهم كلما جدد خلقهم. قال مجاهد: (لا تميت ولا تحيي). وقال مرثد: (لا تبقي منهم شيئًا أن تأكلهم، فإذا خلقوا لها لا تذرهم حتى تأخذهم فتأكلهم). وقال السدي: (لا تبقي لهم لحمًا ولا تذر لهم عظمًا). قال الزمخشري: (أي لا تبقي شيئًا يُلقى فيها إلا أهلكته، وإذا هلك لم تذره هالكًا حتى يعاد. أو لا تبقي على شيء، ولا تدعه من الهلاك، بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة).
وقوله تعالى: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾. لَوَّاحة: أي محرقة للجلود. قال قتادة: (حرّاقة للجلد). فهو من "لوّحته الشمس" إذا سوّدت ظاهره وأطرافه. والبَشَر: جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد.
قال أبو رزين: (تلفح الجلد لفحة، فتدعه أشد سوادًا من الليل). وروي عن ابن عباس: (تحرق بشرة الإنسان). فهي تغير البشر أي الجلد وتحرقه.
وقيل: بل "البشر" اسم جنس بمعنى الناس. فيجوز أن يكون المعنى: لائحة للناس، من "لاح"، بمعنى ظهر، والبشر بمعنى الناس. حكاه القاسمي.
وقوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾. أي من الخزنة المتولِّين أمرها، والتسلّط على