الْيَقِينُ (٤٧) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦)}.
في هذه الآيات: ارتهانُ كل نفس بكسبها، ونجاة أصحاب اليمين، وخزي المجرمين في نار الجحيم، وهذا القرآن تذكرة للمتقين، وما يذكرون إلا بمشيئة اللَّه رب العالمين.
فقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾. أي: مرهونة ومحبوسة بكسبها، معتقلة بعملها يوم القيامة. قال ابن عباس: (يقول: مأخوذة بعملها).
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾. قال ابن زيد: (أصحاب اليمين لا يرتهنون بذنوبهم، ولكن يغفرها اللَّه لهم، وقرأ قول اللَّه: ﴿إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ٤٠] قال: لا يؤاخذهم اللَّه بِسَيِّئِ أعمالهم، ولكن يغفرها اللَّه لهم، ويتجاوز عنهم كما وعدهم).
قال القاسمي: (﴿إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ أي فإنهم فكّوا رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق).
وقوله تعالى: ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: أصحاب اليمين في بساتين يتساءلون عن المجرمين الذين سُلكوا في سقر، أيّ شيء سلككم في سقر؟ ).
قال ابن كثير: (أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾. أي: ما قمنا بحق اللَّه تعالى، ولا بحق عباده الواجب علينا. فما عبدنا اللَّه ولا أحْسَنّا إلى خَلْقِه المحتاجين.
وقوله: ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾. أي: وكنا نخوض في الباطل وفيما لا نعلم. قال قتادة: (يقولون: كلما غوى غاوٍ غوينا معه).