وقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾. أي يسأل: متى يوم القيامة؟ سؤال استبعاد واستهزاء، أو تسويفًا منه للتوبة.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ﴾. قال ابن عباس ومجاهد: (هذا عند الموت).
وقال الحسن: (هذا يوم القيامة). وقرأ نافع وأبان عن عاصم: "بَرَقَ" والمعنى: لمع البصر من شدة شخوصه، فتراه لا يطرِف. وقرأ الباقون بالكسر "بَرِق" والمعنى: تَحَيَّرِ فلم يطرِف. قال الفرّاء والخليل: (بَرِق: فزع وبُهِتَ وتحيَّر).
قلت: والمقصود تنبيه المستبعد للقيامة إلى معالم حدوثها: إنه انبهار الأبصار ولمعها وتحيّرها من شدة الشخوص للموت أو للبعث.
وقوله تعالى: ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ﴾. قال قتادة: (ذهب ضوؤه فلا ضوء له).
والمقصود: ذهب ضوؤه كله ولا يعود كما يعود إذا خسف في الدنيا.
وقوله تعالى: ﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾. قال مجاهد: (كُوِّرا يوم القيامة).
والمقصود: ذهب ضوؤهما جميعًا، فتجمع الشمس والقمر فلا يكون هناك تعاقب ليل ونهار.
وقوله تعالى: ﴿يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾. قال ابن كثير: (أي: إذا عاينَ ابنُ آدم هذه الأهوالَ يومَ القيامة حينئذ يُريد أن يَفِرَّ ويقول: أينَ المَفَرُّ؟ أي: هل من مَلجأٍ أو موئِل؟ ).
وقوله تعالى: ﴿كَلَّا لَا وَزَرَ﴾. قال ابن عباس: (يقول: لا حرز). وقال أيضًا: (يعني: لا حصن، ولا ملجأ). وقال الحسن: (يقول: لا جبل). والوزَرُ في لغة العرب: ما يُلجأُ إليه من حِصْنٍ أو جبل أو غيرهما. قال السدي: (كانوا في الدنيا إذا فزعوا تحصّنوا في الجبال، فقال اللَّه لهم: لا وزَرَ يعصمكم يومئذ مني).
والمقصود: ليس يومئذ فرار ينفع صاحبه، ولا شيء يلجأ إليه من حصن ولا جبل ولا معقل.
وقوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾. قال قتادة: (أي المنتهى).
والمقصود: إلى ربك أيها الإنسان يومئذ المرجع والمنتهى والاستقرار، وهو الذي يقرّ جميع خلقه مقرهم.
وقوله تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾. قال ابن عباس: (يقول: ما عمل قبل


الصفحة التالية
Icon