وفي الحديث: [نَضَّرَ اللَّه امرأ سمع مقالتي فوعاها]: أي دعاء لوجهه بالنضارة. أي: نعَّمَهُ وحَسَّنه وزاده نورًا وإشراقًا وبهاء وجمالًا.
وقوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ أي: تنظر إلى ربها نظرًا. قاله عكرمة. وكان الحسن يقول: (نضرت وجوههم ونظروا إلى ربّهم). والآية في إثبات رؤية المؤمنين للَّه عز وجل يوم القيامة، وأما الكفار فيحرمهم ربهم من هذه النعمة العظيمة فلا يبصرون إلا ما يخزيهم.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥].
قال الحاكم: حدثنا الأصم حدثنا الربيع بن سليمان قال: [حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول اللَّه عز وجل: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾؟ فقال الشافعي: لما أن حُجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضى]. وفي رواية: (ما حجب الفجار إلا وقد عَلِمَ أن الأبرار يرونه عز وجل).
٢ - وقال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]. فالحسنى هي الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه اللَّه الكريم.
ففي صحيح مسلم عن صهيب، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول اللَّه تعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: فيرفَعُ الحجاب فينظرون إلى وجه اللَّه، فما أعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾] (١).
ومن كنوز السنة الصحيحة في مفهوم هذه الآية كذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن جرير بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنكم سترون ربكم عيانًا. وفي رواية: كنا جلوسًا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: