عليه أمران: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه).
٣ - وقال الشعبي: (المعنى التفت ساقا الإنسان عند الموت من شدّة الكرب). وقال قتادة: (أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب إحدى رجليه على الأخرى).
٤ - وقال سعيد بن المسيب والحسن: (هما ساقا الإنسان إذا التفتا في الكفن). وقال زيد بن أسلم: (التفت ساق الكفن بساق الميت). وقال الحسن أيضًا: (ماتت رجلاه ويبست ساقاه فلم تحملاه، ولقد كان عليهما جوّالًا).
وقوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾. أي المرجع والمآب. والمساقُ: المصدر من ساق يسوق، وذلك أن الملائكة ترفع الروح فتسوقها عبر السماوات إلى السماء التي فيها اللَّه تعالى. -هذا إن كان الميت من أهل الإيمان-. وأما الكافر أو الفاجر فتساق روحه إلى السماء الدنيا فقط ولا يفتح لها ثم يقول اللَّه تعالى في الحالتين: [أعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى] الحديث (١).
وفي التنزيل نحو ذلك: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ [الأنعام: ٦١ - ٦٢].
وفي سنن ابن ماجة -في احتضار الكافر- من حديث أبي هريرة مرفوعًا:
[فيقال: لا مَرْحبًا بالنفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث. ارجعي ذميمةً، فإنها لا تُفْتَحُ لكِ أبواب السَّماء، فيُرْسَلُ بها من السماء، ثم تصيرُ إلى القبر] (٢).
وأخرج الحاكم وابن ماجة وابن أبي عاصم بإسناد رجاله ثقات عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا كان أجَلُ أحدِكُم بِأَرْض، أَوْ ثَبَتْهُ إليها الحاجةُ. (وفي رواية: أثبتَ اللَّه له إليها حاجة) فإذا بلغ أقصى أثرِهِ، قبضَهُ اللَّه سبحانه. فتقول الأرض يوم القيامة: ربّ! هذا ما استودعتني] (٣).

(١) حديث صحيح. وهو جزء من حديث طويل. أخرجه أحمد (٤/ ٢٨٨)، وأبو داود (٢/ ٢٨١)، والحاكم (١/ ٣٧ - ٤٠)، والنسائي (١/ ٢٨٢) مختصرًا، من حديث البراء.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٤٢٦٢)، كتاب الزهد. باب ذكر الموت والاستعداد له. وإسناده صحيح. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٤٣٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٢/ ٥٦٦)، والحاكم (١/ ٤١ - ٤٢)، وابن أبي عاصم في =


الصفحة التالية
Icon