مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقونَ من عُصَارةِ أهل النار، طينة الخبال] (١).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾.
الأبرار: أهل الصدق والوفاء بامتثال ما أمر اللَّه تعالى. واحدهم بَرُّ. والكأس: كل إناء كان فيه شراب. والكافور: مزاج يجمع بين التبريد والرائحة الطيبة.
وقال ابن عباس: (﴿يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ﴾ يريد الخمر). فنفس الخمر تسمى كأسًا، وقيل: الكأس الزجاجة إذا كان فيها خمر. قال قتادة: (تمزج لهم بالكافور وتُختم بالمسك). وقال الحسن: (بَرْدُ الكافورِ في طيب الزَّنجبيل).
وقوله: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾. فيه أكثر من تأويل حسب إعراب ﴿عَيْنًا﴾:
١ - قيل: يشربون عينًا. قال الزجاج: (المعنى من عين).
٢ - وقيل: ﴿عَيْنًا﴾ بدل من كافور. قال الفراء: (إن الكافور اسم لعين ماء في الجنة).
٣ - وقيل: ﴿عَيْنًا﴾ بدل من كأس على الموضع.
٤ - وقيل: ﴿عَيْنًا﴾ حال من المضمر في مزاجها.
٥ - وقيل: نصب على المدح. قلت: وكل ما سبق يقتضيه الإعجاز لهذا القرآن العظيم. والمقصود: أن الأبرار يشربون في الجنةِ من عين نضاخة بشراب ممزوج بالكافور، وقد جمع بين التبريد والرائحةِ الطيبة واللذاذة الرائعة.
وقوله: ﴿يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾. قال مجاهد: (يقودونها حيث شاؤوا). وقال قتادة: (مستقيد ماؤها لهمِ يفجرونها حيثُ شاؤوا). وقال الثوري: (يُصرِّفونها حيث شاؤوا). قال النسفي: (﴿يُفَجِّرُونَهَا﴾ يجرونها حيث شاؤوا من منازلهم ﴿تَفْجِيرًا﴾ سهلًا لا يمتنع عليهم).
وقوله: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾. قال قتادة: (بطاعة اللَّه، وبالصلاة، وبالحج، وبالعمرة).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إن الأبرار الذين يشربون من كأس كان مزاجها كافورًا، برّوا بوفائهم للَّه بالنذور التي كانوا ينذرونها في طاعة اللَّه).