والملقيات هي الملائكة، ومنهم من قال إنها جميعًا الملائكة.
قلت: والراجح أنها الملائكة في جميع الآيات لوجوه: (١)
١ - لا مناسبة بين الريح والملائكة في موضوع القسم.
٢ - ليس هناك من فارق يفصل الصفات الثلاثة الأولى عن الصفتين الأخيرتين ليعلم أنهما لموصوفَيْن.
٣ - توالي فاءات التعقيب يدل على أن الموصوف شيء واحد.
٤ - السياق يفيد أن كل صفة موضحة لما قبلها.
٥ - هذه الصفات بمجموعها تنسجم مع كون الموصوف الملائكة.
وقوله تعالى: ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾.
هي الملائكةُ. قال أبو صالح: (الملائكةُ تنشر الكتب).
وقال قتادة: (﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا﴾: هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل وتبلغه).
قال النسفي: (أقسم سبحانه وتعالى بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره فعصفن في مضيّهن، وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي، أو نشرن الشرائع في الأرض، أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أوحين، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرًا إلى الأنبياء عليهم السلام).
وقوله تعالى: ﴿عُذْرًا أَوْ نُذْرًا﴾. قال ابن عباس: (يعني الملائكة). وقال قتادة: (عذرًا من اللَّه، ونُذْرًا منه إلى خلقه). أو قال: (عذرًا للَّه على خلقه، ونذرًا للمؤمنين ينتفعون به، ويأخذون به). والمقصود: إرسالُ الملائكةِ إعذارٌ من اللَّه إلى الخلق، وإنذارٌ لهم عقابه إن خالفوا أمره.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ﴾. هو جواب القسم. قال ابن كثير: (هذا هو المُقْسَمُ عليه بهذه الأقسام، أي: ما وُعِدْتُمْ بهِ من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبَعْثِ الأجساد، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاةُ كلّ عامل بعملهِ، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، إن هذا كله ﴿لَوَاقِعٌ﴾، أي: لكائن لا محالة).