وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾. أي: وما أعلمكَ بيوم الفصل؟ فهو تعجيب آخر وتعظيم لأمر ذلك اليوم.
وقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. وعيد أكيد، وتهديد شديد، يحمل في مفهومه ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليهم. قال القرطبي: (أي عذاب وخزي لمن كذّب باللَّه وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد. وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب؛ لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم).
١٦ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)﴾.
في هذه الآيات: يقول تعالى ذكره: ألم نهلك الكفار من الأمم الماضية من لدن آدم إلى محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يعني- بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم، ثم نتبعهم الآخرين ممن جاؤوا بعدهم ممن أشبههم في عنادهم وتكذيبهم؟ ! ألم نخلقكم -أيها الناس- من ماء مهين، ثم سوّيناكم فقدرنا فنعم القادرون؟ ! ألم نجعل الأرض تضم الأحياء على ظهرها، والأموات في بطنها، والرواسي فوقها؟ ! ألم نسقكم الماء من ينابيعها وأنهارها؟ ! فويل يومئذ للمكذبين.
فقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾. قال النسفي: (الأمم الخالية المكذبة).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾. وعيد لأهل مكة، أي ثم نسلك بأمثالهم من الآخرين المكذبين ما فعلنا بالأولين لما كذبوا الحق وعاندوا الرسل.
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾. قال القاسمي: (﴿كَذَلِكَ﴾ أي مثل ذلكَ الأخذ العظيم ﴿نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ أي بكل من أجرم وطغى وبغى).
وقوله تعالى: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. قال ابن جرير: (بأخبار اللَّه التي ذكرناها في هذه الآية، الجاحدين قدرته على ما يشاء).


الصفحة التالية
Icon