٢ - وقال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
وفي الصحيحين والمسند من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [يجمع اللَّه عز وجل الأولين والآخرين في صعيد واحد، يُسْمِعُهم الداعي وينفذُهم البصر] الحديث (١).
وقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾. يومَ: نصب على الظرفية، والتقدير: يوم لا يملكون منه خطابًا يوم يقوم الروح. والروح: جبريل عند الجمهور، ويؤيده قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: ١٩٣]. وهناك أقوال غريبة عجيبة عند المفسرين في تفسير الروح لا دليل عليها. قلت: وإنما خصّه اللَّه سبحانهُ بالإفراد بالذكر من بين سائر الملائكة لشرفه فيهم.
والمقصود: يقف جبريل عليه السلام والملائكة الكرام في ذلكَ المشهد المهيب مصطفين صامتين لا يتكلمون.
وقوله: ﴿إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾. أي: إلا من أذن له الرحمن بالشفاعة.
أو لا يتكلمون إلا في حق من أذن له الرحمن، وكان ذلكَ الشخص ممن قال صوابًا في الدنيا: أي شهد بالتوحيد. فالضمير في ﴿لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾ يرجع إلى الملائكة. وقيل: بل هو أعم، فلا يتكلم أحد يومئذ إلا بإذنه.
فعن ابن عباس: (﴿إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ يقول: إلا من أذن له الرب بشهادة أن لا إله إلا اللَّه، وهي منتهى الصواب). وقال مجاهد: (﴿وَقَالَ صَوَابًا﴾ قال حقًا في الدنيا، وعمل به). وقال أبو صالح: (قال: لا إله إلا اللَّه).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [هود: ١٠٥].
قال الزمخشري: (﴿لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ هما شريطتان: أن يكون المتكلم منهم مأذونًا لهُ في الكلام، وأن يتكلم بالصواب، فلا يشفع لغير مرتضى، لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [يُضْرَبُ الصراط بين ظَهْرانَي