للأنام من العشب والشجر والحب والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأن النار من العيدان والملح من الماء). وقال القرطبي: (﴿أَخْرَجَ مِنْهَا﴾ أي أخرج من الأرض ﴿مَاءَهَا﴾ أي العيون المتفجرة بالماء ﴿وَمَرْعَاهَا﴾ أي النبات الذي يُرْعى).
ومن آفاق العلم الحديث أن الأرض يخرج منها ماء المطر، ولا يزال بعض الناس يظنون أن ماء المطر يسكب من خزانات في السماء. وماء البحار الأول كان جزءًا من الأرض نتج عن التفاعلات الكيماوية أثناء تصلب القشرة الأرضية. ولقد كانت هذه التفاعلات بقدر معلوم لتنتج ماء بقدر مناسب (١).
وقوله تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾. قال قتادة: (أي أثبتها لا تميد بأهلها). وتقدير الكلام: والجبال أرساها فيها، أي قرّرها وأثبتها وأكّدها في أماكنها.
وقوله تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾. قال ابن كثير: (أي: دَحَا الأرض فأنْبَعَ عُيونها، وأظهَرَ مكنونها، وأجْرَى أنهارها، وأنْبَتَ زُروعها وأشجارها وثِمارها، وثَبَّتَ جِبَالها لتستقر بأهلِها ويَقِرَّ قرارُها، كلَّ ذلك متاعًا لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكُلَونها ويركَبُونَها مدّةَ احتياجهم إليها في هذه الدار إلى أن ينتهي الأمدُ، ويَنْقَضِيَ الأجلُ).
٣٤ - ٤٦. قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)﴾.
في هذه الآيات: وقوعُ الإنسان في شباك كسبه وعمله يوم الدين، وقد أُظهرت أمام الخلق نار الجحيم، فأما من آثر طاعة ربه ورضاه فهو في روضات النعيم، وأما من آثر طاعة الشيطان واتباع الشهوات فهو في العذاب الأليم، وأمر الساعة أمر مباغت لا يعلمه إلا رب العالمين.