فقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى﴾. أي: الداهية العظمى. قال ابن عباس: (من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللَّه وحذَّره عباده). وسميت كذلك لأنها تطمّ على كل هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها. كما قال تعالى: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦]. وجواب "إذا" محذوف يدل عليه التقسيم بعده. والتقدير: ظهرت الأعمال. أو انقسم الناس قسمين.
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى﴾. أي: وحينئذ يتذكر الإنسان جميع أعماله، مما عمل من خير أو شر، وذلك بعرضه عليه. كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ [الفجر: ٢٣].
وقوله تعالى: ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى﴾. أي: وأظهرت نار اللَّه للناظرين فرآها الناس بيانًا.
وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴾. قال مجاهد: (﴿طَغَى﴾: عصى). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فأما من عتا على ربه، وعصاه واستكبر عن عبادته).
وقوله تعالى: ﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾. أي: وقدّم متاعَ الحياة الدنيا وشهواتها، على كرامة الآخرة ونعيمها، فعمل لدنياه، على حساب دينه وأخراه.
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾. أي: فإن المنزل والمقام في الآخرة في الجحيم، حيث طعام الزقوم، وشراب الحميم.
وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾. قال ابن كثير: (أي: خاف القيامَ بين يدي اللَّه -عزَّ وجلَّ- وخاف حُكْمَ اللَّه فيه، ونهى نفسه عن هواها، ورَدَّها إلى طاعة مولاها).
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾. أي: فإن المنزل والمقام يوم القيامة في جنة السُّرور والنعيم، حيث الحفاوة والتكريم، والخلود في نعيم مقيم.
وقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾. قال القاسمي: (أي إقامتها. أي متى يقيمها اللَّه ويكوّنها. قال الناصر: وفيه إشعار بثقل اليوم كقوله: ﴿وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٧]، ألا تراهم لا يستعملون الإرساء إلا فيما له ثقل، كمرسى السفينة وإرساء الجبال). وقال الفراء: (رُسُوّها قيامها كرسوّ السفينة). وقال أبو عبيدة: (أي منتهاها، ومرسى السفينة حيث تنتهي). وقال الربيع بن أنس: (متى زمانها)، والمعنى متقارب.