عُرَاة غُرْلًا". فقالت امرأة: أيبصر أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال: يا فلانة ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾] (١).
وأخرج النسائي بإسناد صحيح عن عروة: [عن عائشة: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يُبْعث الناسُ يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرلًا". فقالت عائشة: يا رسول اللَّه! فكيف بالعورات؟ فقال: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ﴾. أي: مشرقة مستنيرة مضيئة، وهي وجوه المؤمنين الذين نالوا رضوان اللَّه. وفي لغة العرب: أسفر وجه فلان: إذا حسن وأشرق، وأسفر الصبح: إذا أضاء. وعن ابن عباس: (قوله ﴿مُسْفِرَةٌ﴾ يقول: مشرقة).
وقوله تعالى: ﴿ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ﴾. قال ابن زيد: (هؤلاء أهل الجنة). أي: وجوه أهل السعادة يومئذ ﴿ضَاحِكَةٌ﴾: أي مسرورة فرحة. ﴿مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ أي: قد ظهر البِشر عليها بما آتاها اللَّه من الكرامة.
وقوله تعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾. أي غبار ودخان وكدورة.
وقوله تعالى: ﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾. أي: يغشاها سواد وكسوف وشدّة. قال ابن عباس: (﴿تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ﴾ يقول: تغشاها ذلة). وقال: (يغشاها سواد الوجوه). والقَتَر في كلام العرب: الغبار. قال زيد بن أسلم: (القَتَرة: ما ارتفعت إلى السماء. والغَبَرَة: ما انحطت إلى الأرض، والغبار والغَبَرة: واحد).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾. أي هؤلاء الموصوفون بهذا الخزي هم الكفرة قلوبهم، الفجرةُ في أعمالهم، فجوزوا بخبث نياتهم وبسوء أعمالهم.
تم تفسير سورة عبس بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منِّه وكرمه عصر يوم الثلاثاء ١٣/ ذي القعدة/ ١٤٢٦ هـ الموافق ١٣/ كانون الأول/ ٢٠٠٥ م

(١) حسن صحيح. أخرجه الترمذي (٣٣٣٢) - كتاب التفسير. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٥٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه النسائي في "التفسير" (٦٦٨)، وفي "السنن" (٢٠٨٣)، وأخرجه الحاكم في "مستدركه" (٤/ ٥٦٤)، وإسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon