القرآن). قال قتادة: (إن هذا القرآن غيب، فأعطاه اللَّه محمدًا، فبذله وعلّمه ودعا إليه، واللَّه ما ضَنَّ به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾. أي: وما هذا القرآن بقول شيطان من الشياطين المسترقة للسمع المرجومة بالشهب، بل هو كلام اللَّه ووحيه. كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١٠ - ٢١٢].
وقوله تعالى: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾. أي: فأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي بينت لكم، وأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بهذا الوحي الذي يسطع بحججه كالشمس. قال قتادة: (يقول: فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾. - ﴿إِنْ﴾ بمعنى ما- أي: وما القرآن إلا موعظة للخلق أجمعين وتذكير لهم. وقيل: ما محمد إلا ذكر. والأول أرجح لدلالة السياق عليه.
وقوله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾. قال مجاهد: (يتبع الحق). قال ابن جرير: (معنى الكلام: إن هو إلا ذكر من شاء منكم أن يستقيم على سبيل الحق فيتبعه ويؤمن به). وقال القاسمي: (وقوله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ بدل من ﴿الْعَالَمِينَ﴾. أي إنه ذكرى من أراد الاستقامة على الطريق الحق، بصرف إرادته وميله إليه والثبات عليه. أما من أعرض ونأى، فمن أين تنفعه الذكرى، وقد زاده الران عمى؟ ).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. إثبات لافتقار مشيئة العباد إلى مشيئة القهار سبحانه، فكل مشيئة في هذا الكون مقهورة بمشيئته تعالى. قال الحسن: (واللَّه ما شاءت العرب الإسلام حتى شاءه اللَّه لها). والمقصود: وما تشاؤون الاستقامة أيها القوم ولا تقدرون على ذلك إلا بمشيئة اللَّه وتوفيقه.
تم تفسير سورة التكوير بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه عصر يوم الخميس ١٥/ ذي القعدة/ ١٤٢٦ هـ الموافق ١٥/ كانون الأول/ ٢٠٠٥ م