وجهه سبحانه يوم الحساب. وإلا فالمؤمنون ينعمون بلذة النظر إلى وجهه الكريم.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]. فالحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه اللَّه العظيم.
٣ - وقال تعالى هنا -في شأن الكفار-: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥].
قال الحاكم: حدثنا الأصم حدثنا الربيع بن سليمان قال: [حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول اللَّه عَزَّ وجلَّ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾؟ فقال الشافعي: لما أن حُجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضى]. وفي رواية: [ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل] (١).
وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وجامع الترمذي عن صهيب، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول اللَّه تعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: فيرفَعُ الحجاب، فينظرون إلى وجه اللَّه، فما أعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾] (٢).
وفي أفراد مسلم عن جابر في حديثه: [إن اللَّه يتجلّى للمؤمنين يضحك] (٣) -يعني في عرصات القيامة- مما يدل أن المؤمنين ينظرون إليه سبحانه في العرصات وفي روضات الجنات.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾. أي: ثم إنهم مع هذا الحرمان، عن رؤية وجه الرحيم المنّان، لواردو الجحيم فمشويون في النيران، ليجمعوا بذلك بين تعاسة النفس وعذاب الأبدان.

(١) انظر كتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٢٠٦) - البحث العاشر - رؤية اللَّه يوم القيامة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٨١)، والترمذي (٢٥٥٢)، ورواه أحمد (٤/ ٣٣٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه -حديث رقم- (١٩١) - في أثناء حديث مطول.


الصفحة التالية
Icon