تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: ١٠٨ - ١١١].
وقوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾. أي: ففي ذلك اليوم يضحك المؤمنون من الكفار حين يرونهم أذلاء مغلوبين، كما ضحك الكفار منهم في الدنيا، فقلب اللَّه الصورة وحاق المكر بأهله، فعزّ المؤمنين وأخزى الكافرين.
وقوله تعالى: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾. أي: ينظرون إلى وجه ربهم وهم على سررهم، وإلى خزي وعذاب الكافرين. قال النسفي: (﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ حال، أي يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار، بعد العزة والاستكبار، وهم على الأرائك آمنون). وقال ابن كثير: (﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)﴾، أي: إلى اللَّه -عزَّ وجلَّ- في مُقابلةِ من زَعَم فيهم أنهم ضالّون، وليسوا بضالين، بل هم أولياء اللَّه المُقَرَّبين، ينظرون إلى ربهم في دار كرامته).
وقوله تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾. قيل معنى ﴿هَلْ﴾ التقرير. والتقدير: قد وقع الجزاء للكفار بما كان يقع منهم في الدنيا من الضحك من المؤمنين والاستهزاء بهم. وقيل: هو إضمار على القول. قال القرطبي: (والمعنى، يقول بعض المؤمنين لبعض ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ﴾ أي أثيب وجُوزي. وهو من ثاب يثوب أي رجع، فالثواب ما يرجع على العبد في مقابلة عمله، ويستعمل في الخير والشر).
وخلاصة القول: هل جوزي الكفار على استهزائهم بالحق والمؤمنين؟ ! نعم، قد جوزوا أتم الجزاء وأكمله، وقوبلوا في الآخرة بنقيض مسلكهم، وحصدوا نتاج زرعهم: البكاء بعد الضحك، والندم بعد الفرح، والحصار في عذاب النار، بعد الانطلاق بالفساد والإفساد في دار الاختيار.
تم تفسير سورة المطففين بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه صبيحة يوم السبت ١٧/ ذي القعدة/ ١٤٢٦ هـ الموافق ١٧/ كانون الأول/ ٢٠٠٥ م