التصدّع عن الثمار والنبات والشجر، أنّ القرآن كلام اللَّه يفصل بين الحق والباطل، وما هو بالكلام الهازل، وما لكيد الكفار في رجوعه عليهم من حائل.
فقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾. قال ابن عباس: (الرَّجْع: المطر). وقال أيضًا: (السحاب فيه المطر). وقال مجاهد: (السحاب يمطر، ثم يرجع بالمطر). وقال قتادة: (ترجع بأرزاق العباد كل عام، لولا ذلك هلكوا، وهلكت مواشيهم).
قلت: والرَّجع في كلام العرب المطر، سُمِّي بذلك لأنه يجيء ويرجع ويتكرر، فأقسم اللَّه تعالى بالسماء ذات النفع والمطر المتكرر.
وقوله تعالى: ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾. قَسَمٌ آخر. قال ابن عباس: (صَدْعُها إخراج النبات في كل عام).
وقال عكرمة: (هذه تصدع عن الرزق). وقال قتادة: (تصدع عن الثمار وعن النبات، كما رأيتم).
فالمقصود: هو ما تتصدع عنه الأرض من النبات والثمار والشجر.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾. هو جواب القسم. أي: إن القرآن لقول يفصل بين الحق والباطل.
وعن ابن عباس: (﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ قال: حقّ). وقال آخر: (حُكْمٌ عَدْلٌ).
وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾. أي وما هو باللعب ولا باللهو ولا الباطل.
قال ابن عباس: (﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ يقول: بالباطل). وقال مجاهد: (باللعب).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾. أي إن أعداء اللَّه يمكرون في إبطال ما جاء به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الدين الحق.
وقوله تعالى: ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾. قال ابن جرير: (يقول: وأمكر مكرًا، ومَكْرُهُ جل ثناؤه بهم: إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به). قلت: وقد حاق بهم يوم بدر من ذلك المكر، فأوقع اللَّه في صفوفهم القتل والأسر، وكالن ذلك استدراجًا لهم مقابل كيدهم برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين، فإن من صفاته سبحانه المكر والكيد بالكافرين.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: ١٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ٥٠].