والمقصود: وتأكلون الميراث من أي جهة تحصل لكم، من حلال أو حرام.
أخرج النسائي وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يأتي على الناس زمان ما يبالي الرَّجل من أين أصابَ المال؟ من حلالٍ أو حرامٍ] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾. الجمّ الكثير. والمعنى: وتحبون المال حبًا كثيرًا، حلاله وحرامه. قال النسفي: (﴿حُبًّا جَمًّا﴾ كثيرًا شديدًا مع الحرص ومنع الحقوق).
٢١ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)﴾.
في هذه الآيات: وصف اللَّه تعالى حال الأرض عند المعاد، ونزول الرحمان والملائكة للفصل والحساب، وبروز جهنم أمام أهلها لينزل بهم العقاب، فالكفار في حسرة وندامة، والمؤمنون في طمأنينة وسلامة.
فقوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾. كَلَّا: ردع وزجر، وإنكار لما هم عليه من الفعل. والدّك: الكسر والدقّ. قال القرطبي: (أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. فهو ردٌّ لانكبابهم على الدنيا، وجمعهم لها، فإن من فعل ذلك يندم يوم تُدَكُّ الأرض، ولا ينفع الندم). وقال الزجاج: (﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا﴾: أي زلزلت فَدَكّ بعضها بعضًا). وقال المبرد: (أي ألصقت وذهب ارتفاعها).
والمقصود: زلزلت وحركت تحريكًا بعد تحريك، أو دُكَّتْ جبالها حتى استوت، وهو إخبار من اللَّه تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة.
وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾. أي: وجاء اللَّه سبحانه لفصل القضاء بين عباده، والملائكة جاؤوا بين يديه صفوفًا صفوفًا.