الطعام والشراب وإمساكهما في الفم، والنطق أيضًا، وفيهما جمالٌ للوجه والفم.
وقوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾. النجد: الطريق المرتفع -أو ما ارتفع من الأرض-.
فمفهوم الآية: وهديناه الطريقين: طريق الخير وطريق الشر.
والمقصود: امتنان من اللَّه تعالى على الإنسان في معرض ذكر النعم الجليلة عليه. أي: ألم نعرِّفه طريق الخير وطريق الشر، مبينتين واضحتين كتبيّن الطريقين العاليتين! فهو يدرك ذلك بفطرته التي فطره اللَّه عليها.
يروي ابن جرير عن عاصم، عن زر، عن عبد اللَّه: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ قال: (الخير والشر). وعن ابن عباس: (يقول: الهدى والضلالة). وقال الضحاك: (نجد الخير، ونجد الشر).
قلت: وفي تسميتهما بالنجدين إشارة إلى وعورة وصعوبة كل مسلك منهما، فليس الشر بأهون من الخير، وإنما في كل طريق ما فيه من المحن، وإنما النجاة بمجاهدة النفس ألا تقع في الآثام، وأن تسلك سبيل تعظيم أوامر الرحمان.
١١ - ٢٠. قوله تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)﴾.
في هذه الآيات: توجيهُ اللَّه تعالى الإنسان لاقتحام موانع الطاعة، من النفس والشيطان والشهوات والهوى بالبذل والعمل والإيمان والجهاد والشجاعة، فالمؤمنون أصحاب الميمنة، والكفار أصحاب المشئمة.
فقوله تعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾. أي: فهلا اجتهد واخترق الموانع التي تحول بينة وبين طاعة اللَّه، من تسويل النفس واتباع الهوى والشيطان. وقال قتادة: (إنها عقبة


الصفحة التالية
Icon