بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١٠. قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)﴾.
في هذه الآيات: يقسم اللَّه تعالى بالشمس ذلك الخلق العظيم، ويقسم بضوئها مبعث الحياة في عالمها الفخيم. ويقسم بالقمر والنهار والليل والسماء والأرض والنفس ومن خلقها في أحسن تقويم، أن الفلاح والسعادة لمن زكاها، والخيبة والشقاء لمن دساها.
فقوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾. قسَمٌ من اللَّه بالشمس ونهارها. فإن الضحا وقت ارتفاع الشمس بعد طلوعها إذا تمّ ضياؤها. فهما قَسَمان: أقسم اللَّه بالشمس، وأقسم بضحا الشمس. قال مجاهد: (﴿وَضُحَاهَا﴾ أي ضوؤها وإشراقها). وقال قتادة: (بهاؤها). وقال السدي: (حرّها). وروى الضحاك عن ابن عباس: (﴿وَضُحَاهَا﴾ قال: جعل فيها الضوء وجعلها حارة).
وقوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾. أي: إذا تبعها بعد غروب الشمس. فهو قسم بالقمر عند امتلائه أو قربه من الامتلاء. إذ يضيء الليل كله مع غروب الشمس إلى الفجر. وهذا في الحقيقة قسم بالضياء في طور آخر من أطواره. وعن ابن عباس: (﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ قال: يتلو النهار). وقال قتادة: (﴿تَلَاهَا﴾ ليلةَ الهلالِ، إذا سقطت الشمسُ رُئيَ الهلالُ). وقال ابن زيد: (هو يتلوها في النصف الأول من الشهر، ثم هي تتلوه. وهو يتقدَّمها في النصف الأخير من الشهر).
وقوله تعالى: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾. قَسَمٌ من اللَّه بالنهار إذا جلّى الشمس، وذلك أن الشمس عند انبساط النهار تنجلي تمام الانجلاء. وعن مجاهد: (﴿وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ قال: أضاء). وقال قتادة: (إذا غشيها النهار). وقيل: والنّهار إذا جلّى البسيطة، كقوله تعالى: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ - ذكره مجاهد.


الصفحة التالية
Icon