٣ - امتنان اللَّه تعالى على نبيه الكريم، أن آواه وهو يتيم، وأغناه وهداه إلى الصراط المستقيم.
٤ - وصية اللَّه لنبيه الرحمة بالأيتام والمساكين، والتحدث بنعمة اللَّه العظيم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١١. قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)﴾.
في هذه الآيات: يُقْسِمُ اللَّه تعالى بالليل والنهار، أنه ما وَدَّعَ حبيبه ورسوله سيد الأخيار، وأن الجنة خير له من هذه الدنيا، وأنه سَيُمَكِّنُه ويؤتيه من فضله حتى يرضى، فلقد آواه في يتمه وهداه وأغنى، ليكون لليتيم كالأب الرحيم، وليكون رؤوفًا بالمساكين، وليحدث بنعمة ربه العظيم.
أخرج الحاكم والبيهقي والطبراني بسند صحيح -واللفظ للحاكم- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [سَأَلْتُ رَبِّي مسألةً وَوَدِدْتُ أنِّي لم أسأَلْه، قُلْتُ: يا ربِّ! كانت قبلي رسلٌ، منهم من سَخَّرْتَ له الرياحَ، ومنهم من كان يُحيي الموتى، وكلّمتَ موسى. قال: أَلَمْ أَجِدْك يتيمًا فآويتُكَ؟ ألم أَجِدْكَ ضالًا فهديتُكَ؟ ألم أجِدكَ عائلًا فأغْنَيْتُكَ؟ ألم أشرحْ لك صَدْرَكَ، وَوَضَعْتُ عنكَ وِزْرَكَ؟ قال: فقلت: بلى يا رب! فوددتُ أنْ لم أسألْه] (١).
فقوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى﴾. قَسَمٌ من اللَّه بالنهار. والضُّحا اسم لوقت ارتفاع الشمس. قال قتادة: (﴿وَالضُّحَى﴾ ساعة من ساعات النهار).
(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٢/ ٥٢٦)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (ج ٢ - مخطوط)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٣/ ١٥٥)، وانظر السلسلة الصحيحة (٢٥٣٨)، وإسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon