وقيل لجعفر بن محمد الصادق: (لم أوتِمَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أبويه؟ فقال: لئلا يكون لمخلوق عليه حق).
وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾. أي: غافلًا عما يراد بك من أمر النبوة فهداك اللَّه وأرشدك لذلك. والضلال هنا بمعنى الغفلة، كما قال جل ذكره في سورة طه: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾، وكما قال لنبيِّه في سورة يوسف: ﴿وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
وقيل: بل المراد وجدك ضالًا لم تكن تدري الشرائع ولا القرآن، فهداك اللَّه إلى القرآن وإلى شرائع الإسلام، كما قال سبحانه في سورة الشورى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ....﴾. وقيل: بل المراد تنشئتك في قوم ضلال فهداهم بك سبحانه.
وعن قتادة: (﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ قال: كانت هذه منازل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يبعثه اللَّه سبحانه وتعالى).
وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾. أي: وجدك فقيرًا ذا عيال لا مال لك، فأغناك بما أعطاك من الرزق. والعرب تقول: عال الرجل يعِيل عَيلة: إذا افتقر. قال النسفي: (﴿فَأَغْنَى﴾ أغناك بمال خديجة، أو بمال أفاء عليك من الغنائم).
وقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾. قال قتادة: (كُنْ لليتيم كالأب الرحيم). قال ابن كثير: (أي: كما كنتَ يتيمًا فآواك اللَّه فلا تَقْهَر اليتيمَ، أي: لا تُذِلَّهُ وتَنْهَره وتُهنه، ولكن أَحْسِنْ إليه، وتَلَطَفْ به).
وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾. قال ابن إسحاق: (أي: فلا تكن جَبَّارًا، ولا مُتكبِّرًا، ولا فحَّاشًا، ولا فظًا على الضعفاء من عباد اللَّه). وقال قتادة: (يعني ردّ المِسكين برحمةٍ ولين). وعن السدي: (المراد طالب العلم إذا جاءه فلا تنهره). والمقصود: لا تنهر السائل إذا سالك، فكما كنت ضالًا فهداك اللَّه، فارفق بطالب العلم المسترشد. وكما كنت فقيرًا فأغناك اللَّه، فأطعم السائل أو ردَّه ردًّا لينًا.
وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾. أمْرٌ من اللَّه لنبيّه بالتحدث بنعمة اللَّه عليه، وهو كذلك سُنّة في أمته.
فعن مجاهد: (﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ قال: بالنبوة). أي: حدِّث بالنبوة التي آتاك