ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهًا ولا أغنى بحيلَتِه الأريب
أتاك على قُنوطٍ منك غَوثٌ يَمُنُّ به اللطيف المُسْتجيبُ
وكل الحادثات إذا تناهتْ فموصول بها الفرجُ القريبُ
وقال آخر:
ولرُبَّ ضائقة يضيق بها الفتى ذَرْعًا، وعند اللَّه منها المَخْرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرِجت، وكان يظنها لا تُفْرَجُ
وقال الشيخ خير الدين وانلي رحمه اللَّه:
صَبَرَ الصحابةُ في الحروب يقودهم خيرُ الرجالِ وسيِّدُ الشُّجعان
حتى تقوَّضَتِ الشرور وزُلزلتْ أركانُ شركٍ عمَّ كالطوفانِ
وتحرّر البيت الحرامُ وحُطِّمَتْ أصنامُهُ فهوتْ على الأذقان
ورقى بلالٌ بالأذان مكبِّرًا اللَّه أكبرُ واحدٌ لا ثانِ
نَصْرٌ من اللَّه العزيز لجندِه والخِزيُ للطاغوتِ والشيطان
واللَّه ينصرُ ناصرًا لكتابهِ مُتَدَرِّعًا بالصبر والإيمان
لا يستحِقُّ النصرَ إلا صابرٌ ويبوءُ بالخُسْرانِ كُلُّ جَبانِ
اليُسْرُ يأتي بعدَ كلّ عَسيرة والنصرُ بعدَ النصرِ في المَيْدانِ
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾. أي: فإذا فرغت من جهاد عدوك، أو من بلاغ دعوتك، أو من سفرك وما شَغَلَكَ، فاجتهد بدعائك وعبادتك، وتفرّغ إلى ربك. والخطاب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو إلى جميع أمته من بعده. فعن ابن عباس: (﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾ يقول: في الدعاء). وقال أيضًا: (يقول: فإذا فرغت مما فرض عليك من الصلاة فسل اللَّه، وارغب إليه، وانصب له). وقال الحسن: (أمره إذا فرغ من غزوه، أن يجتهد في الدعاء والعبادة). وقال ابن زيد عن أبيه: (فإذا فرغت من الجهاد، جهاد العرب، وانقطع جهادهم، فانصب لعبادة اللَّه ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾).
وقال مجاهد: (إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب، قال: فصلِّ). وقال: (إذا فرغت من أمر الدنيا، وقمت إلى الصلاة، فاجعل رغبتك ونيتك له).
قلت: ونَصَبَ الشيء -في لغة العرب- أقامه، ونَصِبَ: تَعِب. والمقصود: إذا فرغت من الموانع والعوائق فارجع لإقامة ما شُغلت عنه واجتهد في الذكر وطلب العلم


الصفحة التالية
Icon