حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: ٤ - ٥]. فالكلام في الرسالة والأوامر والأحكام، لا في شيءآخر سواها. ولهذا قال بعضهم: إن ﴿مِنْ﴾ هاهنا بمعنى الباء، أي بكل أمر).
وقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾. قال قتادة: (أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر). وقال ابن زيد: (ليس فيها شَرٌّ، هي خير كلها ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾). وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، في قوله: ﴿مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَامٌ هِي﴾ قال: (لا يحدث فيها أمر). وقال مجاهد: (﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾: من كل أمرٍ سلام).
فضائل ليلة القدر وما ورد في تعيينها من أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الترمذي بسند صحيح عن زر بن جبيش قال: [قلتُ لأُبي بن كعب: إن أخاك عبد اللَّه بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، قال: يغفر اللَّه لأبي عبد الرحمن لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين ولكنه أراد أن لا يتكل الناس، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين. قال: قلت له: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالآية التي أخبرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو بالعلامة أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها] (١). وفي لفظ أبي داود: [تصبح الشمس صبيحة تلك الليلة، مثل الطَسْتِ، ليس لها شعاع حتى ترتفع].
الحديث الثاني: أخرج الطيالسي بسند حسن عن عِكرمة، عن ابن عباس: [أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في ليلة القدر: "ليلة سَمْحَةٌ طَلْقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، وتُصبح شمسُ صبيحتها ضعيفة حمراء"] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والطيالسي وابن خزيمة بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعًا: [ليلةُ القدرِ ليلةُ سابِعَةٍ أو تاسِعَةٍ وعشرين، إنَّ الملائكةَ تلكَ الليلةَ في الأرض أكثرُ من عددِ الحصى] (٣).
(٢) حديث حسن. أخرجه أبو داود الطيالسي (٢٦٨٠)، وللحديث شواهد. فقد أخرجه بنحوه البيهقي وابن خزيمة والبزار وابن نصر. انظر صحيح الجامع (٥٣٥١).
(٣) إسناده حسن. أخرجه أحمد (٢/ ٥١٩)، والطيالسي في "مسنده" (٢٥٤٥)، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ٢٢٣). وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢٢٠٥).