وقد ثبت النهي عن الإسراع والهرولة إلى صلوات الجماعة عامة عند التوجه إليها.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا سَمِعْتُم الإقامةَ فامشُوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تُسرعوا، فما أدْرَكْتُم فَصَلُّوا وما فاتكم فأتِمّوا] (١).
وفي صحيح مسلم عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، أن أباه أَخْبَرَهُ قال: [بَيْنَما نحنُ نُصَلِّي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فَسَمِعَ جَلَبَةً، فقال: ما شأنُكُم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتُم الصلاة فعليكم السكينة، فما أدركْتُم فَصَلّوا، وما سبقَكُم فَأَتِمّوا] (٢).
وَسُمِّيَت الجُمعة جمعة لأنها مشتقة من الجمع، فأهل الإسلام يجتمعون فيه كل أسبوع مرة في المساجد يستمعون الذكر وموعظة الحق ويتعلمون أمر دينهم، وقد أضلّ اللَّه تبارك وتعالى عن الجمعة أهل الكتابين قبلنا فاختار اليهود لعيدهم السبت، والنصارى الأحد، وخبأ اللَّه الجمعة عيدًا لأهل الإسلام.
ففي صحيح مسلم عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أَضَلَّ اللَّهُ عن الجُمعة مَنْ كان قَبْلنا، فكان لليهود يومُ السبت، وكان للنصارى يومُ الأحد، فجاء اللَّه بِنا، فَهدانا اللَّه ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبتَ والأحدَ، وكذلك هم تَبَعٌ لنا يوم القيامة، نحن الآخرون مِن أهل الدنيا، والأوَّلون يَوْمَ القيامة، المَقْضِيُّ لهم قبل الخلائق] (٣).
وفي رواية: [هُدينا إلى الجمعة وأضَلَّ اللَّه عنها مَنْ كان قَبْلَنا].
والمراد بالنداء في قوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ﴾ النداء الثاني الذي كان يُرْفَعُ بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا جلس على المنبر، وأما النداء الأول فإنما زاده عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه أيام خلافته لتنبيه الناس وقد كثروا إلى ترك الأسواق والأعمال والاستعداد إلى صلاة الجمعة.
ففي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: [كانَ النداءُ يومَ الجمعة أَوَّلُه إذا
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٦٠٣)، كتاب المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيًا.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨٥٦)، كتاب الجمعة، ح (٢٢)، وانظر كذلك ح (٢٣).