وفي مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم بسند رجاله رجال الصحيح عن صعصَعَة بن معاوية، عَمِّ الفرزدق: [أنه أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقرأ عليه: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾، قال: حسبي! لا أُبالي ألّا أسمع غيرها] (١).
وقد حفلت السنة العطرة بروائع من الأحاديث في مفهوم هاتين الآيتين:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن اللَّه لا يَظلمُ مؤمِنًا حَسَنَةً، يُعْطي بها في الدنيا ويَجْزي بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعمُ بحسنات ما عَمِلَ بها للَّه في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تَكُنْ له حسنة يُجْزى بها] (٢).
الحديث الثاني: أخرج أحمد وابن ماجة بسند صحيح عن عوف بن الحارث بن الطفيل: أن عائشة أخبرته: أنّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: [يا عائشةُ! إياك ومحقِّرات الذنوب، فإن لها من اللَّه طالبًا] (٣).
الحديث الثالث: أخرج أحمد والطبراني بسند حسن في الشواهد عن عبد اللَّه بن مسعود، أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إياكم ومُحقَّرات الذنوب، فإنهنَّ يَجْتَمِعْنَ على الرجل حتى يُهلكنَه، كرجُلٍ كانَ بأرض فلاة فحضرَ صنيعَ القوم، فجعلَ الرجلُ يجيءُ بالعودِ، والرجل يجيءُ بالعود، حتى جمعوا من ذلك سوادًا وأجَّجوا نارًا فأنضجوا ما فيها] (٤).
وله شاهد في المسند ومعجم الطبراني من حديث سهل بن سعد مرفوعًا بلفظ: [إياكم ومحقَّرات الذنوب، فإنما مثل مُحقَّرات الذنوب كمثلِ قومٍ نزلوا بطنَ وادٍ،
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم (٢٨٠٨) ح (٥٦) - كتاب صفات المنافقين. وانظر أيضًا ح (٥٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٧٠)، وابن ماجة (٤٢٤٣)، وابن حبان (٥٥٦٨).
(٤) حديث حسن. أخرجه أحمد (١/ ٤٠٢)، والطبراني (١٠٥٠٠)، وأخرجه أبو يعلى (٢٢/ ٥) من وجه آخر، والحديث حسن بشواهده. انظر المجمع (١٠/ ١٨٩)، وصحيح الجامع (٢٦٨٤).