إلا لهذا؟ ثم قامَ فنزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ (وقد تبَّ)، هكذا قرأها الأعمش يومئذ] (١).
الحديث الثالث: أخرج البخاري عن ابن عباس: [أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَج إلى البطحاء فَصَعِدَ إلى الجبل فنادى: "يا صَبَاحاهْ"، فاجتمعت إليه قُرَيْشٌ، فقال: "أرأيتم إنْ حَدَّثتكم أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُم تُصَدِّقوني؟ " قالوا: نَعَمْ، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: ألِهذا جمعتنا؟ تبًّا لكَ، فأنزل اللَّه عزَّ وجلَّ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ إلى آخِرها] (٢).
الحديث الرابع: أخرج البخاري ومسلم والنسائي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: [لما نزلت: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ صعِدَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصفا فجعل ينادي: يا بني عدي! لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ " قالوا: نعم، ما جَرَّبنا عليك إلا صِدْقًا. قال: "إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا، فنزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾] (٣).
وهذا الحديث هو آخر حديث مما صَحّ في أسباب النزول في القرآن بأسانيد صحيحة مما كنت جمعته أثناء رحلة تخصصي في الولايات المتحدة الأمريكية، كنواة لهذا التفسير الجامع على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة. وقد كتبته في مدينة سان فرانسيسكو بتاريخ ٢٠/ ١٠/ ١٩٨٩ أثناء رحلتي إلى ولاية كاليفورنيا في إجازة بعد أدائي امتحاناتي الجامعية.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٧٢) - كتاب التفسير - سورة المسد، آية (١ - ٢).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٧١)، ومسلم (٢٠٨)، وابن مندة نحوه في الإيمان (٩٤٩)، ورواه الطبري (٣٨٢٦٢)، والترمذي (٣٣٦٣)، وأخرجه النسائي في التفسير كما في عمدة القاري ج (١٦) ص (٩٣)، ج (١٩) ص (١٠٢).