سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس. قلت: بلى يا رسول اللَّه، فأقرأني: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقرأ بهما ثم مرَّ بي فقال: كيف رأيت يا عقب اقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت] (١).
وفي رواية قال: [أمرني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة].
الحديث الرابع: يروي الإمام النسائي بإسناد صحيح عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لن نقرأ شيئًا أبلغ عند اللَّه من ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾].
ورواه أحمد بلفظ: [اقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمِثلهما].
وفصّل في رواية أخرى، قال عقبة: [إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أهديت له بغلة شَهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها له، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اقرأ قل أعوذ برب الفلق. فأعادها له حتى قرأها، فعرف أني لم أفرح بها جدًا فقال: لعلك تَهَاوَنتَ بها؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها] (٢).
الحديث الخامس: يروي الإمام أحمد بإسناد صحيح عن فروة بن مجاهد اللخمي قال: [لقيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لي: يا عقبة بن عامر! صِل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك. قال: ثم أتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لي: يا عقبة بن عامر: أملك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك. قال: ثم لقيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لي: يا عقبة بن عامر! ألا أعلمك سورًا ما أنزلت في التوراة ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في الفرقان مثلهن، لا يأتين عليك ليلة إلا قرأتهن فيها؟ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾] (٣).
قال عقبة: فما أتت عليّ ليلة إلا قرأتهن فيها، وحق لي أن لا أدعهن، وقد أمرني بهن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وكان فروة بن مجاهد إذا حدث بهذا الحديث يقول: (ألا فرب من لا يملك لسانه، أو لا يبكي على خطيئته، ولا يسعه بيته).
الحديث السادس: يروي الإمام النسائي عن عقبة بن عامر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ و ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾].
(٢) حديث إسناده على شرط مسلم، أخرجه أحمد (٤/ ١٥١)، وانظر المرجع السابق (٧٨٤٢).
(٣) حديث حسن. انظر مسند أحمد (٤/ ١٤٨)، والطبراني (١٧/ ٢٧١)، وله شواهد تحسنه.