الْعُقَدِ} قال: ما خالط السحر من الرقى). وقال قتادة: (إياكم وما خالط السِّحر من هذه الرقى).
الثاني: قيل بل المراد السحرة والسواحر. قال الضحاك: (يعني السواحر).
وقال الحسن: (السواحر والسّحرة). وقال ابن زيد: (السواحر في العقد).
الثالث: قيل بل المراد النفث في العقد. قال مجاهد: (إذا رقين ونفثن في العقد). وفي رواية عنه قال: (الرقى في عقد الخيط). وقال عكرمة: (الأخذ في عقد الخيط).
الرابع: قيل بل المراد رقية الحية والمجانين.
يروي ابن جرير بسنده إلى طاووس قال: (ما من شيء أقرب من الشرك من رقية الحية والمجانين).
وقد ثبت في صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم ومسند الإمام أحمد كيف سحر اليهود النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى رقاه جبريل عليه الصلاة والسلام.
فقد أخرج البخاري في كتاب الطِّب من صحيحه عن عائشة قالت: [كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُحِرَ حتى كان يرى أنه يأتي النساءَ ولا يأتيهنَّ، فقال يا عائشةُ! أَعَلِمْتِ أن اللَّه قد أفتاني فيما استَفْتَيْتُه فيه؟ أتاني رجلان فقَعدَ أحدُهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عندَ رأسي للآخر: ما بالُ الرجُل؟ قال: مطبوبٌ. قال: ومَنْ طَبَّهُ؟ قال: لبيد بن أَعْصَمَ -رجلٌ من بني زُريق حليف ليهود، كان منافقًا- قال: وفيم؟ قال: في مُشْط ومُشاطةٍ، قال: وأيْنَ؟ قال: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ تَحْتَ رَعُوفَةٍ في بئْرِ ذَرْوانَ. قالت: فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- البِئْرَ حتى استَخْرَجَهُ، فقال: هذهِ البِئْرُ التي أُريتُها وكأنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحِنَّاء، وكأنَّ نَخْلَها رؤوس الشَياطين. قال: فاستُخْرِجَ، قالت: فقلتُ: أفلا؟ -أيْ تنَشَّرْتَ- فقال: أمَا واللَّه فَقَدْ شَفانِي وأكْرَهُ أنْ أُثِيرَ على أحدِ من الناس شرًا] (١).
وجاء في رواية أخرى: [حتى كانَ يُخَيَّلُ إليه أنه فَعَل الشيء ولم يَفْعَلْهُ].
وفي رواية: [فأمر بالبئر فَدُفِنت] (٢).
قلت: وإنما كان سحره -صلى اللَّه عليه وسلم- كالمرض، ولم يؤثر على عصمة النبوة وتبليغ الرسالة، وكُلُّ ما كان يُخَيّل إليه أنه أتى أهله أو فعل الشيء من أمور الدنيا ولم يَفْعَلْهُ.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٧٦٦)، (٦٠٦٣)، (٦٣٩١)، ومسلم (٢١٨٩) ح (٤٣).