قال سيبويه: (خَشبَة وخُشُب، مثل بدَنة وبدن). و ﴿مُسَنَّدَةٌ﴾ للتكثير، لكثرة استنادهم إلى الأيمان الكاذبة لحقن دمائهم.
وقوله: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾. أي يظنون كلما وقع أمر أو حدث أو خوف أنه نازل بهم. قال القرطبي: (يحسبون كلّ صيحة عليهم أنه قد فُطِن بهم وعُلِمَ بنفاقهم، لأنّ للريبة خوفًا). وقال ابن جرير: (يقول جلّ ثناؤه: يحسب هؤلاء المنافقون من خبثهم وسوء ظنهم وقلة يقينهم، كلّ صيحة عليهم، لأنهم على وجل أن يُنزل اللَّه فيهم أمرًا يهتك به أستارهم ويفضحهم، ويبيح للمؤمنين قتلهم وسبي ذراريهم، وأخذ أموالهم).
وفي التنزيل نحو ذلك، قال تعالى: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٩].
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [مَثَلُ المنافق كَمَثَلِ الشاةِ العائِرة (١) بين الغنمين، تَعِير إلى هذه مرَّة، وإلى هذِه مرَّة] (٢).
وقوله: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾. إثبات عداوتهم ووجوب الحذر منهم. وذلك من وجهين: الأول: الحذر من الميل إلى كلامهم أو تصديقهم أو الثقة بأقوالهم. الثاني: الحذر من تخذيلهم المؤمنين أو قيامهم عيونًا للكافرين يتجسّسون على أعراض المسلمين ومخططاتهم ومناهجهم وتحركاتهم.
وقوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾. كلمة ذمّ وتوبيخ. قال ابن عباس: (أي لعنهم اللَّه). وقيل: بل المعنى أخزاهم اللَّه. قال النسفي: (﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ دعاء عليهم، أو تعليم للمؤمنين أن يدعو عليهم بذلك).
وقوله: ﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾. أي: كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال، وكيف يعدلون عن الحق إلى الجهل والمكر.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٧٨٤)، كتاب صفة المنافقين وأحكامهم. وفي رواية للحديث: "تَكِرُّ في هذه مرّة، وفي هذه مرّة".