تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ}، وقال أيضًا: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ﴾، أخبرت به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلَامني الأنصار، وحلف عبد اللَّه بن أبي ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت فدعاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأتيته، فقال: إن اللَّه قد صدقك، ونزل بهم: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا﴾ الآية] (١).
وقد جاء في رواية أخرى عند الترمذي تفصيل كامل الحدث -من حديث زيد بن أرقم قال: [غزونا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا إليه، فسبق أعرابي أصحابه، فيسبق الأعرابي فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة، ويجعل النطع عليه، حتى يجيء أصحابه، قال: فأتى رجل من الأنصار أعرابيًا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه، فانتزع قباض الماء فرفع الأعرابي خشبة، فضرب بها رأس الأنصاري فشجّه. فأتى عبد اللَّه بن أبي -رأس المنافقين- فأخبره، وكان من أصحابه. فغضب عبد اللَّه بن أبي ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول اللَّه، حتى ينفضوا من حوله -يعني الأعراب- وكانوا يحضرون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الطعام.
فقال عبد اللَّه: إذا انفضوا من عند محمد، فأتوا محمدًا بالطعام، فليأكل هو ومن عنده.
ثم قال لأصحابه: لئن رجعنا إلى المدينة فليخرج الأعزُ منكم الأذل. قال زيد: وأنا ردف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسمعت عبد اللَّه بن أبي فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرسل إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فحلف وجحد، قال: فصدقه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكذبني، قال: فجاء عمي إلي فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكذبك والمسلمون، قال: فوقع علي من الهمّ ما لم يقع على أحد، قال: فبينما أنا أسير مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر قد خفقت برأسي من الهم، إذ أتاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا.
ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قلت: ما قال لي شيئًا، إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي. فقال: أبشِر. ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي