بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١ - ٣. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)﴾.في هذه الآيات: ذكر قصة حاطب بن أبي بلتعة وهو رجل من المهاجرين شهد بدرًا، وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم، بل كان حليفًا لعثمان، فلما غدرت قريش ونقضت العهد وأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه بالتجهز عامدًا فتح مكة، حدث أن أرسل حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى قريش ينذرها المسلمين وجيش الفتح القادم، -يريد بذلك أن يتخذ عندهم يدًا- وحمّلَهُ امرأة عجوزًا لتوصله إلى مكة، إلا أن الوحي الكريم تدخل في اللحظة المناسبة وأفسد الإنذار، وبَيَّنَ قواعد منهج الولاء والبراء الذي يجب أن يكون عليه الأخيار.
أخرج البخاري في صحيحه عن علي رضي اللَّه عنه قال: [بعثني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضةَ خاخٍ فإنَّ بها ظعينةً معها كتاب فخذوه منها. قال: فانطلقنا تَعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة. قلنا لها: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي كتاب، فقلنا: لَتُخْرِجِنَّ الكتابَ أو لَنُلْقِيَنَّ الثياب. قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا حاطِبُ ما هذا؟ قال: يا رسول اللَّه لا تعجل عليَّ، إني كنتُ امرأً مُلْصَقًا في قريش، يقول: كنت حليفًا ولم أكُنْ من أنْفُسِها وكان من معك من المهاجرين