عنها زوجها وهي حامل، فلم تمكُث إلا لياليَ حتى وضعت، فلما تَعَلّت من نفاسها خُطِبَت، فاستأذنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في النكاح، فَأذِنَ لها أن تُنْكَحَ، فَنُكِحَت] (١).
وفي صحيح مسلم عن ابن شهاب: حدثني عُبَيْد اللَّه بنُ عبدِ اللَّه بنِ عُتبة بن مسعود، أن أباه كتبَ إلى عمر بن عبد اللَّه بن الأرقم الزُّهري، يأمره أن يَدْخُلَ على سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فيسأَلَها عن حَديثها وعَمَّا قال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين استَفْتَتْهُ، فكتب عمِرُ بن عبد اللَّه إلى عبد اللَّه بن عُتبة يُخْبِرُه أن سُبَيْعَةَ أخْبَرَتْه، أنها كانت تحت سَعْدِ بن خوْلَةَ، وهو في بني عامرِ بن لؤي، وكان مِمَّن شهد بَدْرًا، فَتُوفي عنها في حَجَّة الوداعِ وهي حامِلٌ، فَلمْ تَنْشَبْ أن وَضَعَتْ حَمْلَها بَعْدَ وفاتِه، فلمّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفاسِها تَجَمَّلَتْ لِلخُطَّاب، فدخِلَ عليها أبو السّنابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ -رجلٌ من بني عبد الدار- فقال لها مالي أَراكِ مُتَجَمِّلةً؟ لعلّك تَرْجين النِّكاح، إنَّك واللَّه! ما أنْتِ بناكِحٍ حتى تَمُرَّ عليك أربعةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ. قالت سُبَيْعة: فلما قال لي ذلك، جَمَعْتُ عَليَّ ثِيابي حين أمْسَيْتُ، فأتَيْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسألْتُهُ عن ذلك؟ فأفتاني بأني قدْ حَلَلْتُ حين وَضَعْتُ حَمْليِ، وأمَرَني بالتزوُّج إنْ بدا لي] (٢). قال ابن شهاب: (فلا أرى بأسًا أنْ تَتَزَوَّجَ حين وضَعَتْ، وإنْ كانت في دَمِها، غيرَ أنه لا يقرَبُها زوجُها حتى تَطْهُر).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾. قال مقاتل: (ومن يتق اللَّه في اجتناب معاصيه يجعل له من أمره يُسرًا في توفيقه للطاعة).
والمقصود: تأكيد أن تقوى اللَّه بتعظيم أوامره واجتناب نواهيه مفتاح كل فرج وتيسير، وكل مخرج من أمر عسير.
وقوله: ﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ﴾. أي هذا الذي ذُكِرَ من الأحكام الشرعية هو أمْرُ اللَّه أنزله إليكم من اللوح المحفوظ وبَيّنَه لكم، لتكونوا على بصيرة في أمور دينكم.
وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾. أي: ومن يخف اللَّه فيعظم

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٣٢٠)، والنسائي (٦/ ١٩٠)، وأحمد (٤/ ٣٢٧)، وابن ماجة (٢٠٢٩)، والشافعي (٢/ ٣٢ - ٣٣)، والبيهقي (٧/ ٤٢٨)، وغيرهم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٨٤) - كتاب الطلاق. باب انقضاء عدة المتوفى عنها وغيرها، بوضع الحمل. وانظر صحيح البخاري (٥٣١٩)، وسنن أبي داود (٢٣٠٦)، والنسائي (٦/ ١٩٤ - ١٩٥)، وابن ماجة (٢٠٢٨)، والبيهقي (٧/ ٤٢٨).


الصفحة التالية
Icon