وأما السنة: فما رواه نافع (١) بن جبير بن مطعم عن أبيه (٢)
عن النبي - ﷺ - أنه استعاذ قبل القراءة بهذا اللفظ بعينه (٣).
_________
(١) نافع بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي، توفي نافع بالمدينة سنة تسع وتسعين في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك، وقد روى عن أبي هريرة، وكان ثقة، أكثر حديثا من أخيه محمد. انظر: طبقات ابن سعد ٥/ ٢٠٥.
(٢) أبوه: هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل القرشي، من أكابر قريش وعلماء النسب، أسلم بعد الحديبية وقبل الفتح، مات في خلافة معاوية سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين. الإصابة ١/ ٥٧٠. وأبوه المطعم بن عدي من أشراف قريش وكبرائها، وهو الذي أجار النبي - ﷺ - ومنعه بعد رجوعه من الطائف. ومات قبل وقعة بدر.
الأعلام ٧/ ٢٥٢.
(٣) الحديث رواه أبو داود وابن ماجه والطبراني في الكبير، وأبو نعيم في أخبار أصبهان، والحاكم وصححه، والذهبي من حديث ابن مسعود، والإمام أحمد من حديث أبي أمامة مسعود الباهلي، وابن خزيمة في صحيحه من حديث نافع وابن مسعود - رضي الله عنه -، والحديث حسنٌ لغيره، وإسناده ضعيف لضعف الراوي عن نافع بن جبير. وقد اختلف في علي بن عمرو بن مرة، ففي رواية مسعر عنه كما في هذه الرواية ورواية أخرى أبهمه ولم يسمه. وفي رواية حصين السلمي سماه عباد بن عاصم، وسماه في رواية شعبة عاصما العنزي، وهو الصواب فيما ذكره الدراقطني. وعاصم لم يوثقه إلا ابن حبان، وقال البزار: "غير معروف". وقال البخاري في التاريخ الكبير: "لا يصح". وقال ابن خزيمة: "عاصم وعباد مجهولان لا يعرف حالهما". وبقية رجاله رجال الشيخين قلت: والذي يظهر أن المصنف أراد صلب الاستعاذة التي وردت في الحديث، أي: سنامها، وترك الزيادة، وهي "من همزه ونفخه ونفثه". وهذه الصيغة نقلها القراء طبقة عن طبقة أكثر من غيرها، والاستعاذ في الصلاة ورد فيها هذه الصيغة، وصيغة أخرى وهي: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه). وقال العلامة ابن الجزري: "وقد ورد النص عن النبي - ﷺ - بـ"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ففي الصحيحين من حديث سليمان بن صرد - رضي الله عنه - قال: استبّ رجلان عند النبي - ﷺ -، ونحنُ عنده جلوس، وأحدُهما يسبّ صاحبه مغضبا قد احمرّ وجهه، فقال النبي - ﷺ -: "إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجدُه: لو قال: "أعوذ =بالله من الشيطان الرجيم". رواه البخاري في باب الحذر من الغضب في كتاب الأدب". أ. هـ.. قلت: وهذا النصّ على الاستعاذة عند الغضب، ولكن يُستأنسُ بذلك؛ لأن النبي - ﷺ - اختار هذه الصيغة دون غيرها. والله أعلم. وانظر: مسند الإمام أحمد حديث رقم (١٦٧٣٩)، والمسند بتحقيق شعيب الأرناؤوط ورفاقه (٢٧/ ٣٠٣). وسنن أبي داود: كتاب الصلاة، في باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء (١/ ٤٨٦). وسنن ابن ماجه حديث رقم (٨٠٧) مع شرح السندي (١/ ٤٤٤). وصحيح ابن خزيمة (١/ ٢٣٩، ٢٤٠). والمستدرك للحاكم (١/ ٣٢٥)، والنشر (١/ ٢٤٣)، وصفة صلاة النبي - ﷺ - للألباني (ص ٦٨)، وإرواء الغليل للألباني (٢/ ٥٣).