المبحث الثاني
أصْلُ اختلاف القرّاء وحديث الأحرف السبعة
الأصل (١) في ذلك ما رواه الشيخان عن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله - ﷺ -، فاستمعت لقراءاته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقرئنيها رسول الله - ﷺ -، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبّرتُ حتى سلّم، فلببته بردائه فقلت: مَن أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله - ﷺ -، فقلت: كذبت؛ فإن رسول الله - ﷺ - قد أقرأنيها على غير ما قرأتَ. فانطلقتُ به أقودُه إلى رسول الله - ﷺ - فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تُقرئنيها، فقال رسول الله - ﷺ -: "أرْسِلْهُ!، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُه يقرأ، فقال رسول الله - ﷺ -: "كذلك أنزلت" ثم قال: "اقرأ يا عمر" فقرأتُ القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله - ﷺ -: "كذلك أُنزلت. إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرُف، فاقرءوا ما تيسّر منه" (٢).
ورويا - أيضا- عن عبد الله بن عبّاس - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال: "أقرأني جبريل على حرف فراجعتُه، فلم أزل أستزده ويزيدني حتى انتهى
_________
(١) تكلم د/ عبد العزيز القارئ عن حديث "نزل القرآنُ على سبعة أحرف" وخرّجه وتتبّع طرقه ورواياته بما لا يُزاد عليه في مجلة كلية القرآن الكريم الصادرة سنة ١٤٠٣ هـ، وهو عددٌ فريد لا ثانيَ له فيما أعلم (المجلة ص ٢٧ إلى ص ١٤٠).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف: (٦/ ٣١٧)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب إن القرآن نزل على سبعة أحرُف (٢/ ٢٠٢). وانظر: فتح الباري (٨/ ٦٣٩)، واللؤلؤ والمرجان (١/ ١٥٧).


الصفحة التالية
Icon