إماما للمهاجرين والأنصار؛ فدلّ على أنه كان أقرأهم" (١).
قال ابن حجر: "ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد في ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن، بل كان الذين يحفظون مثل الذين حفظوه، وأزيدُ منهم جماعةٌ من الصحابة، وقد تقدّم في غزوة بئر معونة أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يُقال لهم القرّاء وكانوا سبعين رجلا" (٢).
وروى البخاري - رحمه الله - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله ابن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبيّ بن كعب" (٣).
وهذا الحديث يدلُّ على مشروعية تحري الضابطين من أهل القرآن للأخذ عنهم، والتلقّي منهم؛ فهذا القرآن لا يؤخذ من كل أحد. كيف وقد خاطب النبي - ﷺ - بهذا القول الصحابةَ وهم عربٌ فصحاء، بل هم أفصح الأمة، ومع ذلك لم يكلهم إلى فصاحتهم، بل أمرهم بالتلقّي، وما ذاك إلا لأنّ قراءة القرآن لها هيئة مخصوصة توقيفيّة" (٤).
القرّاء من التابعين في الأمصار
قال ابن الجزري "فممن كان بالمدينة: ابن المسيَّب، وعُروة، وسالم ابن عبد الله بن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان وعطاء ابنا يسار،
_________
(١) كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي - ﷺ - في البخاري (الفتح: ٨/ ٦٦٩).
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر ٩/ ٤٨. وانظر: سنن القراء ومناهج المجودين للقاري (ص ٤٨).
(٣) صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب القرّاء من أصحاب النبي - ﷺ -: (الفتح: ٨/ ٦٦٣).
(٤) انظر: الفتح (٨/ ٦٦٤)، والإتقان (١/ ١٥٤).


الصفحة التالية
Icon