ونرجئ التفصيل فيه إلى الفقرة الثالثة من أسباب الخطأ.
نماذج من الخطأ بسبب مخالفة طرق التفسير المعتمدة:
النموذج الأول:
ومن أمثلة المخالفة للعقيدة الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة، ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)﴾ (١).
قال الواحدي (٢): " (فَوْقَ) يستعمل في كل ما يستحق أن يوصف بأفعل، ولا يراد به المكان العالي، كما يقال: هو فوقه في القدرة، أي: أقدر منه، وهو فوقه في العلم، أي: أعلم منه، وهو فوقه في الجود، أي: أجود، يُعبَّر عن تلك الزيادة بهذه العبارة للبيان عنها" (٣).
ثم أورد معنيين للعلماء في تفسير هذه الآية:
"أحدهما: أن الآية من باب حذف المضاف، على تقدير: " يخافون عقاب ربهم من فوقهم"؛ لأن أكثر ما يأتي العقاب المهلك من فوق، سيّمَا والآية في صفة الملائكة.
والآخر: أن الله تعالى لما كان موصوفًا بأنه عليٌّ ومتعالٍ علو الرتبة في القدرة حَسُن أن يقال: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ ليدل على أنه في أعلى مراتب القادرين" (٤).
أقول: وكلا القولين باطلٌ؛ لما فيهما من التعطيل (٥) والتأويل، فالأول: تعطيلٌ
_________
(١) سورة النحل: ٥٠.
(٢) هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النّيسابوري، أوحد عصره في التفسير، عالم بالأدب، من مصنفاته: "البسيط"، و"الوجيز"، و"الوسيط" في التفسير، و"أسباب النزول"، توفي سنة ٤٦٨ هـ. يُنظر: طبقات المفسرين، للسيوطي (١/ ٧٨)، وطبقات المفسرين، للداوودي (١/ ٣٩٤).
(٣) التفسير البسيط، للواحدي (٨/ ١٩٥).
(٤) المرجع السابق (١٣/ ٨٢).
(٥) التعطيل: هو إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات، أو إنكار بعضه، وهو نوعان: تعطيل كلي: كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات، وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً.
وتعطيل جزئي: كتعطيل الأشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض، وأول من عرف بالتعطيل من هذه الأمة الجعد بن درهم. ينظر: مصطلحات في كتب العقائد (ص: ٩).